قال مصدر في الرئاسة الفرنسية اليوم الثلاثاء، إن أوروبا ستضطر لإعادة فرض عقوبات على إيران إذا تراجعت طهران عن جوانب من الاتفاق النووي، يأتي ذلك في وقت كشفت وكالة "إرنا" أن الرئيس الإيراني حسن روحاني، سيرسل غدا في الذكرى الأولى لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، رسالة إلى قادة الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، يعلن فيها أن بلاده قررت تقليل التزاماتها بموجب الاتفاق، ردا على العقوبات الأميركية وعدم قيام الأطراف الأخرى بتنفيذ تعهداتها.
وقال المصدر في الرئاسة الفرنسية "لا نريد أن تعلن طهران غدا إجراءات تخرق الاتفاق النووي لأننا كأوروبيين في هذه الحالة سنضطر لمعاودة فرض العقوبات وفقا لشروط الاتفاق... لا نريد أن نقوم بذلك ونأمل ألا تتخذ طهران هذا القرار"، بحسب ما نقلت "رويترز".
وأضاف في هذا الصدد "بعثنا رسائل إلى طهران بأننا عازمون على مواصلة تنفيذ الاتفاق ونريد منهم حقا البقاء في هذا الاتفاق رغم أننا نأخذ في الاعتبار التعقيدات المحيطة بالوضع الراهن ونقلنا نفس الرسائل إلى حلفائنا الأميركيين".
وذكر أن "ما نتوقعه في هذه المرحلة هو رد فعل أوروبي جماعي اعتمادا على البيان الذي ستصدره إيران غدا ولكن بما أننا لا نعرف بعد ما الذي سيحويه (البيان)، فنحن مستعدون لجميع الاحتمالات".
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع ما ذكرته وكالة "إرنا" الإيرانية أن الرئيس الإيراني سيرسل غدا رسالة إلى قادة الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، ليعلن فيها أن بلاده قررت تقليل التزاماتها بموجب الاتفاق، ردا على العقوبات الأميركية وعدم قيام الأطراف الأخرى بتنفيذ تعهداتها.
وذكرت "إرنا" أن روحاني سيشرح في رسالته إلى قادة روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا "مدى قيام إيران بضبط النفس في موضوع الاتفاق النووي، لكن ضاعت الفرص والطرف المقابل لم ينفذ تعهداته في الاتفاق، لذلك لم يبق من خيار أمام إيران إلا تقليل تعهداتها".
ومن المقرر أن يرسل وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، رسالة مماثلة إلى منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، ليشرح فيها التفاصيل الفنية والحقوقية لتقليص إيران التزاماتها.
ولن تنشر نصوص هذه الرسائل بالكامل، لكونها "وثائق سرية للجنة المشتركة للاتفاق النووي". كما سيلتقي مساعد الشؤون السياسية لوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، غدا الأربعاء مع سفراء الدول الخمس الأعضاء في الاتفاق النووي في العاصمة طهران، ليعلمهم بتفاصيل القرارات الإيرانية الجديدة حول التزاماتها تجاه الاتفاق النووي.
وبحسب الوكالة، فإن مطلب إيران هو عودة الأوضاع في المجالات البنكية والنفطية إلى ما قبل الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. كما أنه تقرر أن تقدم إيران على تقليص تعهداتها على مرحلتين في الوقت الراهن، ستبدأ غدا المرحلة الأولى على أن تبدأ الثانية بعد شهرين، لكن في حال قام شركاء الاتفاق النووي بتلبية مطالب إيران، فالأخيرة ستعود إلى العمل بمقتضى تلك التعهدات التي أنهتها.
وكان مسؤول إيراني قد كشف، أمس الاثنين، لوكالة "إيسنا"، رافضا ذكر اسمه، أن روحاني سيعلن عن جملة إجراءات "مرحلية"، يوم الأربعاء، الذي يصادف الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وذلك ردًا على هذا الانسحاب.
وحول طبيعة هذه البرامج، أكّد أنها "تأتي في إطار بنود 26 و36 من الاتفاق النووي، وأن الانسحاب من الاتفاق ليس مطروحا في الوقت الحاضر"، لافتا إلى "تقليص جزئي وكلي لبعض التعهدات الإيرانية، والبدء بنشاطات نووية توقفت عنها البلاد بموجب الاتفاق النووي، يمثلان الخطوة الإيرانية الأولى للرد على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وتقاعس الدول الأوروبية عن تنفيذ التزاماتها".
وصرّح المصدر لـ"إيسنا" بأن بلاده "قد أطلعت مسؤولي الاتحاد الأوروبي الذين اكتفوا خلال العام الماضي بإطلاق وعود غير مطبقة، على هذا القرار".
وينص البند الـ26 من الاتفاق النووي على أنه "في حال عدم التزام أي طرف بتعهداته فيحق لإيران وقف تنفيذ التزاماتها جزئيا أو كليا".
كما يؤكد البند الـ36 أنه "إذا لم يحلّ أي موضوع خلافي بعد استيفاء للمراحل المندرجة في هذا البند، فيمكن للشاكي أن يبني على ذلك لوقف كامل أو جزئي لتعهداته، أو إبلاغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بذلك".
وورد في البند الـ36 بشأن تلك المراحل أنه "حال رأت إيران أن واحدا أو جميع أعضاء مجموعة 1+5 لا يلتزم بتعهداته المنصوص عليها في الاتفاق النووي، فيمكن لها إحالة الموضوع إلى اللجنة المشتركة لحله. كما أنه إذا ما رأى أحد أعضاء مجموعة 1+5 أن إيران لا تلتزم بتعهداتها الواردة في الاتفاق النووي فبإمكان هذا الطرف أن يقدم على إجراء مماثل".
ويضيف البند أن "اللجنة المشتركة أمامها 15 يوما للبت في الموضوع، إلا إذا تم تمديد المهلة بالإجماع".
في السياق، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الاثنين، عن دبلوماسيين أوروبيين تأكيدهم أن السلطات الإيرانية أبلغت الاتحاد الأوروبي بأنها "ستتخذ إجراءات ردا على وقف واشنطن إعفاءات نووية للتعاون النووي معها".
وكات الإدارة الأميركية، قد أعلنت الجمعة الماضية، أنها ستوقف إعفاءات للتعاون النووي مع إيران وتمدّد أخرى اعتباراً من أمس السبت.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية وأميركية أن واشنطن مددت الإعفاءات المتعلقة بالتعاون مع إيران في مجال البحوث العلمية والمدنية في منشآت أراك وبوشهر وفردو، لكنها ألغت إعفاءين لنقل المياه الثقيلة الإيرانية إلى سلطنة عمان، ومبادلة اليورانيوم المخصب بالكعكة الصفراء، وكذلك حظر تطوير مفاعل بوشهر النووي.
وفيما حذر الدبلوماسيون من قيام إيران بتقليص تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، سواء بشكل جزئي أو كلي، اعتبر أحدهم في حواره مع الصحيفة الأميركية أنه "انسحاب نسبي من الاتفاق النووي".
وتأتي الإجراءات الإيرانية المحتملة في وقت تتحدث فيه مصادر أميركية عن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم فرض مزيد من العقوبات، يوم غد الأربعاء، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى للاتفاق النووي.