واشترطت حركة "حماس" إقدام الاحتلال على خطوات جادة في الملف لدراستها، وفق ما أعلن المتحدث باسمها حازم قاسم، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ حركته ستتعامل بشكل مسؤول مع أي استجابة فعلية وحقيقية مع هذه المبادرة، مؤكداً أن الكرة حالياً في ملعب الحكومة الإسرائيلية وعليها اتخاذ خطوات جدية.
من جهته، رأى المحلل السياسي تيسير محيسن، أن الظروف الموضوعية التي تعيشها المقاومة ودولة الاحتلال ملائمة جداً لطي الصفحة الماضية التي شهدها هذا الملف وتدشين ما من شأنه أن يفضي لعملية تبادل أسرى. وقال محيسن لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات السنوار التي أبدى فيها استعداده للتنازل بعض الشيء في ملف التبادل، يعكس رغبة "حماس" في إبرام صفقة، خصوصاً مع تسريب معلومات عن إمكانية انتشار فيروس كورونا في أوساط الأسرى الفلسطينيين. ويبدو أن التنازل الحاصل من المقاومة حالياً يتمثل في استبدال الشرط السابق بشرط أبسط يتمثل في الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال، في مقابل تقديم معلومات فقط عن مصير الجنود وحالتهم، وفقاً لمحيسن. وعلى الرغم من حالة التفاؤل الحذر، إلا أنه من السابق لأوانه الحديث عن إمكانية إجراء صفقة تبادل شاملة حالياً، فيما السيناريو الأقرب يتمثل بصفقة محدودة للغاية فقط، خصوصاً أن المقاومة تريد الإفراج عن أكبر عدد من الأسرى أصحاب الأحكام العالية والمؤبدة في الصفقة الشاملة.
ولفت محيسن إلى أن الاحتلال يسعى هو الآخر لعقد صفقة إلا أن تصريح نتنياهو الأخير يبدو مبهماً، كما أن مبادرة السنوار كانت غامضة هي الأخرى، إذ تسعى إسرائيل لمعرفة مصير الجنديين هدار غولدين وأرون شاؤول اللذين أسرا خلال حرب غزة صيف 2014. واستبعد كذلك أن تقدم المقاومة على تنازل كبير في ملف الجنود الأسرى، وفي حال قدمت معلومات عن مصير الأسرى لديها ستكون عامة، ولن تعطي تفاصيل كثيرة، وفي حال كانوا أحياء لن تعطي تفاصيل أكثر من ذلك.
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث العسكري باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة، أن الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزة أصيبوا في قصف إسرائيلي على غزة في مايو/ أيار 2019، دون أن يفصح عن طبيعة إصابتهم أو مصيرهم في أعقاب هذا الاستهداف.
وعلى الجهة الأخرى، لفت الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، إلى أن هناك تقبلاً في الأوساط الداخلية في دولة الاحتلال لعقد صفقة مع المقاومة الفلسطينية في غزة من أجل طي صفحة هذا الملف الذي أوشك على دخول عامه السادس على التوالي. وأوضح أبو زايدة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك إجماعاً داخلياً لدى الأحزاب الإسرائيلية على تجاوز الخلافات وحل ملف الجنود الأسرى واستعادتهم، وهو ما يعزز فرصة نجاح أي مفاوضات تبادل قد تتم بشكل غير مباشر مع المقاومة. وفرص النجاح عالية في حال كانت الصفقة محدودة، بحيث يتم تقديم معلومات فقط عن الجنود في غزة وعما إذا كانوا أحياء أم قتلى، في حين من المستبعد أن تكون الصفقة شاملة مع رغبة إسرائيل في أن تجعلها مقابل تسهيلات إنسانية وتخفيف الحصار على غزة، وفق تقدير أبو زايدة. وأشار إلى أنّ الطرح الأمثل حالياً هو الإفراج عن أسيرات وأسرى كبار في السن ومرضى وبعض من معتقلي صفقة التبادل السابقة مقابل الإفراج عن معلومات خاصة بالجنود فقط، أما الحديث عن صفقة تبادل شاملة فسيحتاج لمفاوضات طويلة وممتدة.