الجامعة التونسية: ساحة صراع بين اليمين واليسار

22 فبراير 2015
تضارب في نتائج انتخابات الطلبة في تونس (فرانس برس)
+ الخط -

تعيش الجامعة التونسية، بفروعها الـ181، منذ الخميس الماضي، على إيقاع انتخابات المجالس العلمية، التي ينتخب بموجبها ممثلو الطلبة، للتعبير عن آرائهم في البرامج التعليمية وتسيير الكليات. وتخلل العملية الانتخابية، وفق رئيس منظمة "عتيد" لمراقبة الانتخابات، معز بوراوي، "حالات من العنف وضعف كبير في نسب المشاركة".

ولم تخلُ الانتخابات من صراع تقليدي بين طرفين جامعيين، الأول يساري يمثّله "الاتحاد العام لطلبة تونس"، والثاني ذو توجّه إسلامي، يمثّله "الاتحاد العام التونسي للطلبة"، علماً أن ملامح الصراع بدأت معالمه الأولى خلال الحملة الانتخابية وتتواصل بعد الانتخابات. وفي حين لم يتأخر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للطلبة، راشد الكحلاني، في إعلان الفوز بمئتي مقعد من إجمالي ثلاثمئة مقعد مخصصة لتمثيل الطلبة، سارع الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس، وائل نوار، هو الآخر، إلى الإعلان عن الفوز بـ 68 في المائة من مجموع المقاعد.

ويترجم تناقض نتائج الفوز حدّة الصراع الدائر داخل أروقة الجامعة التونسية، بين فصيلين طلابيين يدعي كل طرف منهما تمثيله لعموم الطلبة البالغ عددهم ما يناهز 90 ألف طالب.
وليس هذا الصراع اليميني اليساري جديداً على الجامعة التونسيّة، لا بل إنّه كَبُر معها منذ تأسيسها، فيما شهدت سنوات الثمانينيات والتسعينيات أوج الصراع بينهما.

اقرأ أيضاً: انتفاضة طلاب تونس

تأسّس "الاتحاد العام لطلبة تونس" عام 1953، وكان من أبرز قياداته في تلك الفترة شكري بلعيد والمستشار الحالي لرئيس الجمهورية، الوزير محسن مرزوق. ويشهد الاتحاد في الوقت الراهن، منذ مؤتمره الخامس والعشرين الذي عقد في شهر أبريل/نيسان 2013، صراعاً داخلياً بين طرفين، الأول يمثّله الشقّ اليساري "النقابيون الراديكاليون"، الذي أعلن عن تكوين مكتب تنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس برئاسة أماني ساسي وهو ما يعرف بمؤتمر "ردّ الاعتبار"، والثاني يمثّله الشقّ اليساري تحت لواء حزب العمال التونسي، الذى يترأسه المرشح الرئاسي السابق حمّة الهمامي والناطق الرسمي الحالي باسم الجبهة الشعبية. وقد اختار هذا الشقّ مكتباً تنفيذياً ثانياً للاتحاد العام لطلبة تونس برئاسة وائل نوار تحت مسمى "مؤتمر البناء".

ومنذ المؤتمر الأخير للاتحاد العام لطلبة تونس، والطرفان في صراع داخلي دائم وصل حدّ تبادل العنف داخل الجامعة التونسيّة، لكن عداءهما للاتحاد العام التونسي للطلبة، الذي يمثل التيار الإسلامي، جعلهما يشاركان في انتخابات المجالس العلميّة في قوائم موحّدة تحت شعار "قبضة واحدة كي نهزم الظلم"، من أجل تحقيق الفوز على الخصم المنافس والذي يعتبرانه "عدوهما اللدود". ويعكس الصراع الجامعي الصراع على الساحة السياسيّة بين حركة "النهضة" التي تمثّل التيار الإسلامي، وبين الجبهة الشعبيّة التي تمثّل التيار اليساري والقومي.

أما الطرف المنافس لـ"الاتحاد العام لطلبة تونس"، فهو "الاتحاد العام التونسي للطلبة"، الذي تأسّس سنة 1985 وكان من أبرز أمنائه العامين، الوزير السابق والقيادي البارز في حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، والوزير السابق والقيادي البارز في حركة النهضة عبد اللطيف المكي، وكاتب الدولة في حكومة الحبيب الصيد والمستشار السياسي السابق لرئيسي الحكومة الاسلاميين حمادي الجبالي وعلي العريض، نجم الدين الحمروني.

اقرأ أيضاً: اتحاد طلبة تونس يصعّد احتجاجاته

ويشهد "الاتحاد العام التونسي للطلبة"، وحدة وتماسكاً داخل صفوفه، على عكس منافسه. ويؤكد عضو المكتب التنفيذي والمسؤول عن الإعلام، محمد خلف الله، أنّه "لا علاقة لهم بحركة النهضة، بل هم فصيل طلابي له مطالب نقابيّة لا سياسيّة، وفق ما يريد البعض الترويج له"، وهو ما تعارضه الأمينة العامة للاتحاد العام لطلبة تونس، أماني ساسي، التي تؤكد أنّ "الاتحاد هو الممثل لحركة النهضة وللتيار الإسلامي داخل الجامعة التونسية".

وإذا كانت الآراء المتباينة تعكس الصراع التاريخي بين اليسار التونسي والحركة الإسلامية على الساحة السياسية وداخل الحرم الجامعي، وإن حاول كل طرف نفي هذه التهمة عنه، لكنّ حقيقة ما يجري تؤكد أنّ زمن الصراع الأيديولوجي لم ينته بعد، وإن حاول البعض الحديث عن زمن ما بعد الأيديولوجية، ذلك أنّ الوقائع السياسية الأخيرة، سواء تشكيل الحكومة الأخيرة أو تقاسم رئاسة اللجان داخل البرلمان التونسي أو انتخابات المجالس العلمية، لم تترجم هذا المعطى. ويبدو أنّ الصراع ذاته ستستمرّ فصوله في الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل.
المساهمون