سقوط "ملك التهريب" في ليبيا: خيوط ارتباطاته بمسؤولين ليبيين ومالطيين

04 سبتمبر 2017
فهمي برز كمهرب للنفط والبشر (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
رغم غياب الحديث عنه رسمياً منذ إعلان القبض عليه من قبل قوة الردع الخاصة قبل أسبوعين، إلا أن جوانب الغموض الذي كان يعيشها فهمي سليم بن خليفة (43 عاماً)، أو كما يلقب بـ"ملك التهريب"، بدأت تتكشف في بلدته زوارة في ليبيا، التي كان يعيش فيها طيلة السنوات الماضية بعيداً عن الأضواء، إضافة إلى خيوط ارتباطاته مع مسؤولين ليبيين ومالطيين.

ولد فهمي في زوارة وترك الدراسة مبكراً ليتجه لمزاولة أعمال حرة، قبل أن يعمل في نشاط التهريب الذي عرفت به الحدود الليبية مع تونس. تزايد نشاطه الجديد منذ مطلع العقد الماضي قبل أن تقبض عليه أجهزة أمنية ويودع السجن، حيث قضت محكمة في طرابلس عام 2005 بسجنه لمدة 15 عاماً.

وتداولت العديد من التقارير الإعلامية تفاصيل بروز نجم فهمي بعد عام 2011، إلى حد امتلاكه لاستثمارات بملايين الدولارات في دول أجنبية، بعد توسع نشاطه في التهريب، ولا سيما في الوقود الليبي، لكن اللافت الجديد في قضية فهمي هو علاقته بمسؤولين ليبيين وبآخرين من مالطا.

وكشف مصدر أمني من جهاز المباحث العامة بطرابلس، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن معلومات مؤكدة تثبت تورط رجل أعمال مالطي بارز بالعمل مع فهمي. ولم يشأ المصدر أن يفصح عن معلومات كثيرة حوله سوى أن اسمه "فينيك"، مشيراً إلى أن فهمي على علاقة وطيدة بمسؤولين بالحكومة المالطية.

وأوضح المصدر أن "فينيك حضر لزوارة خلال عامي 2015 و2016 أربع مرات، وأشرف على عمليات نقل كميات كبيرة من الوقود الليبي"، كاشفاً أن فهمي كان برفقته عندما التقى مسؤولاً ليبياً بالشركة الوطنية للنفط في زوارة.

وتابع: "فينيك وفهمي كانا يخططان لوصول نواقل نفط كبيرة لميناء زوارة ومصفاة الزاوية لشراء النفط خارج مؤسسة الدولة بكميات كبيرة جداً"، كاشفاً عن أن "الجانب الإيطالي استطاع إفشال هذه المساعي مع مجموعات مسلحة كانت وقتها تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني بطرابلس".

وذكر المصدر أن خطط حكومة الوفاق للحد من تهريب الوقود والمحروقات الليبية بدأت منذ إبريل/نيسان الماضي، عندما شكلت غرفة مشتركة للتنسيق بين البحرية الليبية ولجنة أزمة الوقود والغاز، في محاولة منها لاعتراض سفن التهريب، لكن ذلك لم يكن كافياً فانضمت قوة الردع الخاصة للعمل على القبض على أمراء مليشيات التهريب.

وكشف أن التحقيقات الحالية الجارية مع فهمي قادت لتورط مسؤولين بارزين في المؤسسة الوطنية للنفط، من بينهم علي الأحرش، مسؤول مصفاة الزاوية، التي تمد كل الغرب الليبي بالوقود، ومحمد القصب، آمر كتيبة الدعم المركزي المسؤولة عن تأمين المصفاة، وأشار إلى كونهما اشتركا مع فهمي في تهريب الوقود الليبي والتقيا "فينيك" أكثر من مرة.

وقال المصدر إن "ملف تهريب الوقود والمحروقات افتتح رسمياً بمكتب النائب العام، وهناك اتصالات جدية بالجانب الإيطالي ودول أخرى تستقبل موانئها سفن تهريب الوقود الليبي، من أجل منعها والحد من التعامل مع أصحابها".

وعن استثمارات فهمي وممتلكاته خارج البلاد، قال المصدر إن "الأمر مبالغ فيه، فلم يثبت أن لديه ممتلكات كبيرة سوى بعض المنازل في تركيا وتونس ومتنزه صيفي في مالطا"، كاشفا عن أنه كان يمتلك أسهما فقط في شركة ADJ Trading Ltd، وهي ليست من الشركات الكبيرة البارزة.

وتابع: "فهمي أسس شركة خاصة له لم تتحصل على إذن رسمي من الجهات الرسمية، كان يخطط من خلالها لشرعنة عمله في تهريب الوقود ونشاطات أخرى"، مؤكدا أنها لم تر النور حتى الآن.

وفي زوارة، مسقط رأس فهمي ومركز نشاطه، قال عيسى لملوم، الضابط في أمن المدينة، "إن المجلس البلدي يعمل حاليا على تسليم ميناء زوارة للبحرية الليبية وقوة نظامية من المدينة لتأمينه، في خطوة لإنهاء أعمال التهريب من خلاله".

وأضاف لملوم لــ"العربي الجديد"، أن "نشاط التهريب لا يزال نشطاً جزئياً قبالة سواحل بعض المدن بغرب ليبيا، لكنه انتهى بشكل كلي قبالة زوارة، فالمهربون الآخرون اختفوا تماما بعد القبض على فهمي"، لافتا إلى أن سلطات المدن الأخرى القريبة غرب البلاد تسعى بحزم لإنهاء الظاهرة.

وكشف أن "نهاية تهريب الوقود والمحروقات عبر البحر لا تعني نهاية الأزمة، فهناك مهربون يعملون على تهريبه عبر خطوط برية لدول جوار، أبرزها تونس، المستفيدة الأولى من الوقود الليبي المهرب".

وبحسب المصدر الأمني من طرابلس، فإن مكتب النائب العام سيعلن قريبا عن نتائج مهمة ومتقدمة في ملف التهريب ومصير السفن التي ضبطت في المياه الليبية، ولا تزال سلطات طرابلس تتحفظ عليها، من بينها ثلاث سفن روسية.

المساهمون