ويعتبر هذا الموعد حاسما ومهما لأسباب كثيرة، يتوقع المتفائلون أن تنهي أزمة طويلة من الخلاف وتفرض أمرا واقعا جديدا، بينما يرى المتشائمون أنها ستكون على العكس بداية صراع مفتوح قد يتواصل إلى غاية انتخابات 2019.
ومع الصراع الذي خرج للعلن بين رأسي السلطة التنفيذية، رئيس الجمهوري الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة، يخشى كثيرون من تدهور الأوضاع السياسية أكثر إذا أجاز البرلمان حكومة الشاهد ومنحه بالتالي شرعية دستورية جديدة لطالما تم التشكيك فيها، لكن يبدو أن رئيس الحكومة نجح في توفير كل الظروف لتحقيقها مع تحالفاته الجديدة.
ولا يظهر أن هناك مانعا من حصول الشاهد على المصادقة على حكومته الجديدة، فقد أعلن مجلس النواب، الجمعة الماضي، عن تركيبة الكتل البرلمانية الجديدة، وتقودها كتلة حركة النهضة بـ68 نائبا، ثم كتلة حركة نداء تونس بـ51 (أصبحت 50 بعد استقالة منجي الحرباوي أمس الأحد)، فكتلة الائتلاف الوطني الداعمة للشاهد بـ40 نائبا، وتأتي كتلة الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة بـ15، ثم كتلة الحرة لحركة مشروع تونس المتحالفة مع الشاهد بـ14، فالكتلة الديمقراطية بـ12، وكتلة الولاء للوطن بـ11، وغير المنتمين إلى كتل بـ6 نواب.
وبحسب هذا التوزيع الجديد، بإمكان الشاهد الحصول بسهولة على أغلبية الـ109 نواب المطلوبة، بتحالف النهضة والائتلاف الوطني والحرة، بالإضافة إلى بعض نواب نداء تونس، حيث تسربت خلافات داخل الكتلة بشأن هذا التصويت، ورأى بعض النواب أن مقاطعة الجلسة غير منطقية، بينما أكد الأمين العام الجديد للحزب، سليم الرياحي، أمس الأحد، أن كتلة الحزب ستقاطع الجلسة.
وقد ينهي هذا التصويت سجالا طويلا بشأن شرعية الشاهد، فقد سبق للرئيس التونسي السبسي أن اعتبر أن رئيس الحكومة "بلا شرعية"، ودعاه إلى التحول للبرلمان بغاية تجديد الثقة، ولكن تغيرت معطيات سياسية كثيرة منذ تلك المحاولة لإسقاطه، حيث لم تنجح تكتيكات خروج الوطني الحر من دعمها للشاهد إلى دعمها للرئيس وانضمامها لنداء تونس، وعوضتها كتلة مشروع تونس لتعلن عن ميلاد تحالف ثلاثي جديد بين راشد الغنوشي والشاهد ومحسن مرزوق، وهو ما لم يتوقعه أحد.
ويتساءل مراقبون إذا ما كان يمكن اعتبار هذه الشرعية الجديدة نهاية أزمة بالفعل وولادة تحالف جديد يمكن أن يستمر، ويقفز فوق تناقضاته الجوهرية.
المعارضة من جهتها قررت عدم منح الثقة للحكومة، حيث أكدت الجبهة ذلك بوضوح.
وقال التيار الديمقراطي إنه "يتابع بقلق شديد ما آلت إليه الأزمة السياسية الخانقة التي تسبّب فيها الائتلاف الحاكم، وما شهدته صراعاته التي بلغت درجة غير مسبوقة من اللامسؤولية والارتجال ومحاولات فرض الأمر الواقع، واستغلال مؤسسات الدولة لأهداف انتخابية، على حساب مصالح البلاد واستقرارها".
واعتبر الحزب في بيان له أنّ التعديل الوزاري المعروض من رئيس الحكومة "جاء دون تقييم موضوعي ودون اعتبار لمعايير الكفاءة والقدرة على تحمّل المسؤولية، ودون برنامج إصلاح اقتصادي واجتماعي، ودون العمل على تغيير السياسات اللاوطنية واللاشعبية"، معلنا عدم منحه الثّقة للوزراء وكتاب الدّولة المقترحين.
وينتظر أن تكون جلسة اليوم ساخنة إلى أبعد الحدود، حيث تستعد المعارضة لمحاولة ضرب هذا التحالف الجديد، بينما تسجل خلافات كبيرة بشأن بعض الأسماء المقترحة في التشكيل الجديد، حتى من داخل الائتلاف نفسه، وهو ما دعا رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، للاجتماع أمس الأحد مع نواب كتلته لتوحيد الرؤى فيما يتعلق ببعض الأسماء، ذلك أن الأغلبية الممكنة ليست مضمونة بشكل قطعي، ولن تكون في كل الحالات أغلبية واسعة كما كان الشأن مع حكومتي الحبيب الصيد والشاهد السابقتين.