لبنان: الحريري يحاول والحكومة رهينة "التشاؤل"

01 سبتمبر 2018
المؤشرات تشير لانفراجة عقب عودة الحريري من إجازته(العربي الجديد)
+ الخط -

انقلبت الأجواء في لبنان على صعيد تأليف الحكومة العتيدة رأساً على عقب. ما كان قبل فترة الأعياد مستحيلاً، بات اليوم ممكناً، وإن حافظ كثر على إمساك العصا من المنتصف، على صعيد التفاؤل والتشاؤم، لكن الأكيد أن حركة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري خلال اليومين الماضيين وخلال الأيام المقبلة، سترسم صورة واضحة عن مصير الحكومة المنتظرة.

كل المؤشرات في الساعات الأخيرة تشير إلى انفراجة ما. منذ عودة الحريري الى لبنان من إجازته فتح أكثر من خط لحلحلة العقد التي تقف أمام تأليف الحكومة. بداية، عملت بعض الأطراف السياسية الرفيعة على التهدئة بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، الذي كان له موقف عالي السقف قبل الأعياد، عندما منح رئيس الحريري حتى الأول من سبتمبر/ أيلول مهلة لتأليف الحكومة.

وعلم "العربي الجديد" أن موقف عون ترك أثراً سلبياً على العلاقة مع الحريري، خصوصاً أن هذا التصريح، إضافة إلى تصريحات نواب تكتل "لبنان القوي" (تكتل التيار العوني)، خرج من إطار الأزمة الحالية المتعلقة بتأليف الحكومة إلى الحديث عن صلاحيات الرؤساء، وضرورة منح رئيس الحكومة مهلة محددة لتأليف الحكومة، وهو ما لا يلحظه الدستور.

وتسلح دعاة خفض التصعيد، وفق معلومات "العربي الجديد"، بضرورة التركيز في الفترة الحالية على تأليف الحكومة حصراً، لأن أي نقاش في الصلاحيات الدستورية سيقود إلى أزمة، خصوصاً بعد أن تلا مواقف عون ونواب "لبنان القوي"، استياء في الشارع السني، الذي وضع هذه التصريحات في خانة استهداف موقع الطائفة في المعادلة اللبنانية.

ومع اعتراف الجميع بأن المهمة اليوم تقتضي تأليف الحكومة، فتحت الخطوط مجدداً بعد ترطيب الأجواء، وتحديداً بعد عودة الرئيس الحريري، الذي أجرى سلسلة من الاتصالات لمس خلالها توجهاً واضحاً لدى الجميع للمساهمة في حلحلة العقد الحكومية، فطرح جملة من التصورات ينتظر أن يتبيّن إمكانية أن تشكل أرضية مشتركة يوافق عليها الجميع.

وعلم "العربي الجديد" أن الحريري قدم حلاً للمعضلة المتعلقة بتمثيل حزب "القوات اللبنانية" يقضي بأن تمنح 4 حقائب وزارية ليس من ضمنها أي حقيبة دولة، وتكون حقائب خدماتية، في المقابل تتنازل "القوات" عن مطلب منحها حقيبة سيادية، أو موقع نائب رئيس الحكومة، وهو ما تؤكد المصادر أنه لقي تجاوباً مبدئياً من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.

وتشير المصادر إلى أن الأمور تبدو رهينة اللقاء المرتقب يوم غد الأحد بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، فإذا وافق باسيل على طرح الحريري، فالأخير قد يزور بعبدا في الساعات الـ48 المقبلة لتقديم صيغة أولية للتركيبة الحكومية، خصوصاً أن الحريري قد طرح بعض المخارج للعقد الأخرى التي تعتبر أقل أهمية من عقدة التمثيل المسيحي في الحكومة.

وعلم "العربي الجديد" أن جملة من العوامل ساهمت في بلورة الجو الإيجابي الذي يستند إليه الحريري في حركته الأخيرة، أولها موقف الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، الذي دعا في خطابه الأخير إلى تأجيل الحديث عن موضوع العلاقة مع النظام السوري إلى ما بعد تأليف الحكومة، وخلال مرحلة دراسة البيان الوزاري.

وتشير مصادر "العربي الجديد" إلى أن تمسك كل الأفرقاء بالحريري رئيساً للحكومة، في هذا الظرف الإقليمي والدولي، قاد إلى تليين موقف قوى "8 آذار" بخصوص ملف العلاقة مع سورية، بما أن لا أحد يريد إحراج الحريري فإخراجه، وبما أن البديل عنه غير متوفر.

وعلى الرغم من كل هذه الأجواء الإيجابية التي يستند اليها أكثر من طرف سياسي للحديث عن انفراجة في الحكومة في الأيام المقبلة، إلا أن البعض لا يزال متمسكاً باستبعاد تأليف حكومة على المدى المنظور، من دون تفنيد الأسباب التي قد تحول دون ذلك، مكتفين بعبارة: "الجو الإقليمي والدولي لا يسمح بعد بتأليف الحكومة".

وعلى الرغم من غموض موقف المتشائمين، إلا أن هذا الموقف دعمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، عندما استعمل في خطابه الأخير تعبير "تشاؤل" للحديث عن مساعي تأليف الحكومة، وهو تعبير استخدمه بري في السياسة قبل سنوات، للدلالة على موقف ليس تشاؤماً ولا تفاؤلاً، وبأن كل الاحتمالات واردة.

المساهمون