تزامنا مع حراك مماثل في مدن عراقية أخرى، سرّعت القوى الكردية في مدينة كركوك (250 كلم) شمالي العاصمة العراقية بغداد، من وتيرة مباحثاتها للخروج باتفاق يوحدها داخل قائمة انتخابية واحدة، وهو ما ينذر بمعركة انتخابية ساخنة في كركوك، خاصة مع حراك مماثل لقوى عربية وأخرى تركمانية، في وقت تذوب به التيارات العلمانية أو المدنية بين تلك التكتلات القومية أو تلتزم الصمت حتى الآن.
ورغم إعلان مسبق لـ"الحزب الديموقراطي الكردستاني" بعدم مشاركته في الانتخابات المحلية بمدينة كركوك عبر عدد من قيادييه الذين قالوا إنهم يشترطون انسحاب الجيش العراقي من المدينة وانتخاب محافظ دائم للمدينة، إلا أن المباحثات الأخيرة بين القيادات الكردية من قوى أخرى ما زالت تعول على إقناعه بالعدول عن قراره والمشاركة.
ويأتي ذلك بعد اتفاق بين قوى كردية عديدة على الدخول في قائمة واحدة كشف عنه اليوم الإثنين، عقب اجتماع في مقر "الحزب الشيوعي الكردستاني" في كركوك، تغّيب عنه "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الذي يطالب بتطبيع الأوضاع في كركوك وإعادتها الى ما قبل أحداث استفتاء الانفصال الذي جرى في أيلول/سبتمبر 2017.
وأسفر الاجتماع عن اتفاق لدخول كل القوى الكردية في قائمة واحدة بالانتخابات المقرر إجراؤها في إبريل/ نيسان العام المقبل.
وعقب الاجتماع، قال نائب مسؤول مركز تنظيمات المحافظة، روند ملا محمود، في مؤتمر صحافي إنه "تم اليوم تشكيل قائمة موحدة، بهدف المشاركة بها في الانتخابات"، مبينا أنّه "تم إبلاغ الحزب الديمقراطي الكردستاني بالاجتماع، وهو يؤيد أن تخوض الأحزاب الكردية الانتخابات بقائمة واحدة".
وأشار محمود إلى أنّ "الاتحاد الوطني سيحاول من خلال اللقاءات والاجتماعات التي سيعقدها مع حليفه الديمقراطي الكردستاني إقناع الأخير في المشاركة بالانتخابات في كركوك والانخراط ضمن القائمة"، مؤكدا القول "نعمل كأحزاب كردية على تعديل قانون الانتخابات المحلية".
ودعا مجلس كركوك إلى "الانعقاد بأسرع وقت ممكن للمصادقة على أسماء المرشحين في القائمة".
من جهته، اعتبر القيادي التركماني فوزي أكرم ترزي أن "مرحلة فرض الإرادات قد انتهت في كركوك"، وقال القيادي التركماني، في تصريح صحافي، إنّ "الأطراف التركمانية أبلغت الكرد بأنّ عليهم العودة إلى الديمقراطية، وأن تتم إدارة المحافظة بالتوافق السياسي بين مكوناتها".
وأكد ترزي "طالبنا الكرد بمنصب المحافظ كاستحقاق مكوناتي، فضلا عن تقاسم السلطة بين مكونات المحافظة الثلاثة بنسبة 32 بالمائة لكل طرف، وأن يكون للمسيحيين نسبة 4 بالمائة".
في المقابل، حذّرت "الجبهة العربية" في كركوك، من سياسات التهميش والإقصاء بحق المكون العربي بالمحافظة، مشككة بوجود "اتفاقات بين أطراف المحافظة تبرم خلف الكواليس".
وحذرت الجبهة في بيان لها صدر قبل يومين "سنلجأ لكافة الوسائل والإجراءات القانونية والجماهيرية، والوقوف بوجه سياسة التهميش والإقصاء التي تستهدفنا"، مشددة "لن نعترف بأي اتفاق يجري خلف الأبواب المغلقة".
ويجري كل ذلك في ظل أجواء سياسية غير مستقرة، ومخاوف من أن تتسبب الانتخابات المحلية بالمحافظة بأزمات خطيرة بين مكوناتها، خاصة مع زيادة التخندق القومي بين المكونات في الانتخابات المقبلة التي يرى مراقبون بأنها ستحدد أيضا نسبة تقريبية لكل مكون أو من المكون الأكبر في تلك المدينة، وليس على مستوى الظفر بمنصب المحافظ.
ويقول المتخصص بالشأن المحلي لمدينة كركوك وعضو مجلسها السابق علي العابدي لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة العراقية ومفوضية الانتخابات "يجب أن تكون أكثر حزما في كركوك وتضع ضوابط لمنع استدعاء العصبيات القومية في الانتخابات بشكل علني، إضافة إلى وضع عقوبات تصل للحرمان من المشاركة في الانتخابات لمن يخالف هذا الضابط المهم والحساس (إثارة العصبية القومية)".
وتابع العابدي يقول "في كركوك سيكون هناك انتخابات مطعمة بتحديد نسب مئوية لكل مكون، لكن لا يستبعد أن تتوحد القوى العربية والتركمانية بالنهاية في قائمة واحدة لإبعاد الأكراد عن منصب المحافظ".