شكراً لمن منع المرزوقي

19 سبتمبر 2016
انتفضت تونس للدفاع عن حق المرزوقي بالتحدث(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أخيراً، بُثّ حوار الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي الممنوع، ولم يحدث انقلاب في تونس ولا خرجت مظاهرات ومسيرات، ولم يكشف الرجل شيئاً من الأسرار التي كان مؤتمناً عليها عندما كان رئيساً، وتبيّن أن كل الخوف من هذا الحوار، الذي استوجب ضغوطاً لعدم بثه، لم يكن له أي داعٍ أو وجاهة، بل لعلها كانت فعلاً سياسياً سخيفاً جداً، دعا الأمين العام لحزب "حراك تونس الإرادة" عدنان منصر إلى استنتاج أن خصومه السياسيين يغلب عليهم الغباء!
وكان المرزوقي كعادته، وفي ذات موقعه السياسي، زعيم حزب معارض ينتقد خيارات الحكومة، ويتحدث عن مواقفه من التحالفات الممكنة وغير الممكنة، ويدافع عما يصفه بالنقاء السياسي، والممارسة الأخلاقية للسياسة، ويدافع عن نفسه ضد الانتقادات التي وجّهت إليه لما كان في الحكم، وخلاصة الأمر أن الحوار كان حواراً معقولاً جداً مع رئيس سابق ومعارض حالم بتونس التي يريد تشكيلها وفق مبادئه التي قد تتفق معها أو تختلف.
ولكن كل هذه التفاصيل بدت غير ذات أهمية، مقارنة بما حصَّلته تونس وجنته من هذه الأزمة التي سبقت الحوار، بسبب محاولة منعه، إن صحّ المنع، إذ انتفضت تونس في يوم واحد، تدافع عن حق المرزوقي في أن يتحدث إلى التونسيين، وتندد بمحاولة مصادرة صوته، وتنتصر لثمرة ثورتها، الوحيدة إلى حد الآن، الحرية.
وكانت بيانات خصوم المرزوقي قبل أصدقائه، تطالب بفتح تحقيق في هذه الاتهامات التي أطلقت ناقوس الخطر، بحسب تعبيرهم، وجاءت كلها لتوجّه جملة من الرسائل المهمة للسلطة وللتونسيين، وللمرزوقي نفسه، أهمها أن المجتمع التونسي والكثير من نخبه متيقظ جداً إذا تعلّق الأمر بحرية التعبير، وأنه ليس وحيداً في ذلك. والثانية أنه، أي المرزوقي، قد يكون أخطأ في تقييمه السابق للأصدقاء والأعداء، وقد يكون عليه أن يراجع بعض حساباته القديمة ويعيد تشكيلها بناء على هذه الحقيقة الواضحة كالشمس. في تونس كثرٌ قد يضحون كثيراً من أجل الحرية، فشكراً لمن منع المرزوقي.
المساهمون