روسيا والنظام يفرغان المناطق السكنية للوصول إلى سراقب

عدنان أحمد

عدنان أحمد
31 يناير 2020
7CEA69DA-6AB4-41EA-AADC-7C3F8D4A0E17
+ الخط -
تحتدم المعارك في محافظتي إدلب وحلب في الشمال السوري بين مقاتلي الفصائل وقوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها، التي تحاول التقدّم شمالي مدينة معرة النعمان باتجاه تقاطع الطريق الرئيسي في مدينة سراقب شرقي إدلب، إضافة إلى توسيع سيطرتها في ريفي حلب الجنوبي والغربي. ولم تتورّع قوات النظام، بمساندة من الطيران الحربي الروسي عن قصف الأهداف المدنية كعادتها بغية تفريغ المناطق التي تتقدّم إليها من سكانها، موقعة عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين، ومسببة المزيد من موجات النزوح من المنطقة باتجاه الحدود مع تركيا. في المقابل، بحث رئيس الأركان التركي يشار غولار، مع نظيره الروسي فاليري غيراسيموف، التطورات الأخيرة في مدينة إدلب. وجاء في بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية، أمس الخميس، أن غولار أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي.

ميدانياً، ذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن 11 شخصاً قُتلوا وأُصيب أكثر من 60 آخرين جراء القصف الروسي لمستشفى أريحا الجراحي جنوب إدلب، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة، حسبما كشف الدفاع المدني. كذلك قُتل رجل وأُصيب شخصان نتيجة استهداف الطيران الحربي التابع للنظام السوري المدنيين النازحين على أطراف مدينة سراقب. وقبل ساعات من ذلك، ارتكب الطيران الروسي مجزرة أخرى بحق المدنيين في بلدة كفر، حيث قُتل 10 أشخاص أيضاً، فيما أُصيب 17 آخرون. ويأتي ذلك في ظل استمرار تقدم قوات النظام المدعومة بالطيران الروسي في ريف إدلب الشرقي والجنوبي وسيطرتها على عدة مدن وبلدات. وتحاول قوات النظام تفريغ قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي من سكانها، وفق السياسة التي درجت عليها سابقاً، قبل شنّ هجومها الرامي إلى السيطرة على سراقب، ومجمل المناطق التي تفصلها عن معرة النعمان بهدف فتح الطرق الدولية دمشق - حلب، واللاذقية - حلب.

في هذا الإطار، تستمر المعارك بين مقاتلي الفصائل وقوات النظام، في ظل مواصلة قوات النظام محاولات التقدّم باتجاه سراقب شمالي معرة النعمان، مقتربة لمسافة نحو 5 كيلومترات من المدينة. وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام تحاول السيطرة على قرى مرديخ وجوباس والوصول إلى سراقب، بالتزامن مع ضربات جوية مكثفة من قبل مروحيات النظام وطائراته الحربية، إضافة إلى الطائرات الروسية، فضلاً عن القصف المدفعي العنيف، وخاصة على سراقب.

وفي بيان لها، أفادت قوات النظام بأنها "خاضت اشتباكات عنيفة مع الإرهابيين داخل قريتي معردبسة وخان السبل بعد تمهيد ناري بسلاحي المدفعية والصواريخ، وتمكنت من تدمير تحصيناتهم فيهما"، فيما ذكرت وكالة "سانا" الرسمية أن الاشتباكات انتهت بالسيطرة على قريتي معردبسة وخان السبل على جانبي الطريق الدولي حلب ـ إدلب. وكانت قوات النظام قد تمكنت، بحسب "سانا"، خلال الأيام القليلة الماضية من السيطرة على معرة النعمان و28 بلدة وقرية في ريف إدلب الجنوبي.

وفي حلب، تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الفصائل وقوات النظام على محوري الصحافيين غرب مدينة حلب والقراصي في ريفها الجنوبي، مع استمرار هجمات قوات النظام بغية تحقيق تقدم في المنطقة، لكنها تكبدت قتلى وجرحى على محوري القراصي والحميرة في ريف حلب الجنوبي. وأعلنت الفصائل أنها صدّت ست محاولات تقدّم أخرى على محور الصحافيين في ريف حلب الغربي، وتمكنت من استعادة بعض المناطق غرب حلب، جراء هجمات معاكسة شنتها خلال الساعات الأخيرة، منها منطقة تلة الهندسة ومحور الصحافيين غرب حلب، في ظل معارك كرّ وفرّ تشهدها المنطقة.

من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 6 مقاتلين موالين لإيران من جنسيات غير سورية، وذلك جراء المعارك الدائرة مع الفصائل في محيط خان طومان ومحاور أخرى بريف حلب الجنوبي، وذلك بعد دخول المليشيات الموالية لإيران على خط معركة أوتوستراد دمشق – حلب الدولي المعروف بـ"أم 5" قبل 4 أيام. أما وكالة "سانا" التابعة للنظام، فقد ذكرت أن "وحدات من الجيش السوري طهّرت قرى ومناطق استراتيجية غرب حلب بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم جبهة النصرة والتنظيمات المرتبطة به"، مشيرة إلى أن "وحدات من الجيش نفذت عمليات عسكرية تتناسب مع طبيعة المنطقة في الريف الغربي وكسرت الخطوط الأمامية للتنظيمات الإرهابية بعد تمهيد مكثف ومركز بسلاحي المدفعية والصواريخ في كل من الراشدين 5 ومعراتا ومستودعات الوقود ورحبة التسليح ومستودعات خان طومان، ما أدى إلى تطهير هذه القرى والمناطق". وأضافت الوكالة نقلاً عن "أحد القادة الميدانيين" قوله إنه "تم تطهير العديد من المواقع باتجاه بلدة خان طومان جنوب غرب المدينة وفق الخطط الموضوعة على هذا المحور، ومنها الضهر الغربي ومستودعات خان طومان ورحبة التسليح وتلة المحروقات ومستودعات المحروقات ومعراتا".

من جهتها، كشفت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها عن مقتل 211 عنصراً من قوات النظام السوري جراء الاشتباكات مع فصائل المعارضة منذ 9 يناير/ كانون الثاني الحالي، في وقت تشير فيه إحصائيات الفصائل إلى أضعاف هذا الرقم. وقال مدير "مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سورية"، التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء يوري بورينكوف، في بيان أصدره الأربعاء: "قتل في سورية منذ 9 يناير 211 عسكرياً سورياً، فيما أُصيب أكثر من 300 بجروح، جراء الاشتباكات مع التشكيلات المسلحة، وعمليات القصف من جانبها".

إلى ذلك، اتفقت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وحركة "نور الدين الزنكي"، المنضوية ضمن "الجيش الوطني"، على عبور مقاتلي الحركة إلى جبهات القتال في ريف حلب الغربي. وجاء الاتفاق بعد اجتماع ضمّ قياديين من الجانبين إلى جانب قياديين من "الجبهة الوطنية للتحرير" الأربعاء، اتُّفق خلاله على تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم مقاتلي ريف حلب الغربي الموجودين في الريف الشمالي، بحسب مصادر عسكرية. وتتولى الغرفة المشتركة مهمة تقديم السلاح الثقيل والخفيف للمقاتلين الذين بدأوا أمس الخميس التوجه إلى جبهات القتال، بحسب المصادر.

ويأتي الاتفاق بعد مطالبة مقاتلين من أبناء ريف حلب الغربي، ضمن "نور الدين الزنكي" وفصائل أخرى، بالسماح لهم بالوصول إلى جبهات القتال مع قوات النظام، بعد رفض "هيئة تحرير الشام" السماح بمرورهم من ريف حلب الشمالي، لكن الأخيرة نفت اعتراضها طريق المقاتلين. وتطبيقاً لهذا الاتفاق، توجه أمس 500 مقاتل من "الجيش الوطني السوري" من مناطق شمال مدينة حلب إلى غربها لمواجهة قوات النظام السوري وروسيا. وقال مصدر عسكري لوكالة "سمارت" المحلية إن المقاتلين تابعون لـ"فيلق المجد" ضمن "الجيش الوطني"، مشيراً إلى أنهم مجهّزون بأسلحتهم الفردية، إضافة إلى رشاشات متوسطة وثقيلة. وأشار المصدر إلى أن معظم المقاتلين من أبناء ريف حلب الغربي، وكانوا سابقاً منتسبين إلى "نور الدين الزنكي" التي خرجت من المنطقة بعد مواجهات مع "هيئة تحرير الشام".

من جهة أخرى، تظاهر العشرات مساء الثلاثاء في مدينة الأتارب في ريف حلب، وحمّلوا القوات التركية و"هيئة تحرير الشام" مسؤولية تقدم النظام في ريفي إدلب وحلب. وجاب المتظاهرون شوارع المدينة غرب حلب، رافعين علم الثورة، ورددوا هتافات ضد الهيئة والقوات التركية بعد التقدم الأخير لقوات النظام في إدلب. وأدت المعارك والقصف المستمر إلى نزوح آلاف المدنيين، ووثق فريق "منسقو الاستجابة"، أمس نزوح 268 ألف شخص من ريفي إدلب وحلب موزعين على أكثر من 134 بلدة ومخيماً، منذ 16 يناير الحالي.

ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة
النازح السوري محمد معرزيتان، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازح السوري محمد معرزيتان مرض التقزّم وويلات النزوح وضيق الحال، ويقف عاجزاً عن تأمين الضروريات لأسرته التي تعيش داخل مخيم عشوائي قرب قرية حربنوش
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.
المساهمون