تسارع الهدم في رفح... وعين "ولاية سيناء" على الميناء

12 يوليو 2018
واصل الجيش هدم أحياء في رفح (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع في الآونة الأخيرة عمليات الهدم التي يقوم بها الجيش المصري في مدينة رفح شرق محافظة شمال سيناء، شرقي مصر. وفيما تتركز العمليات في مناطق جنوب المدينة المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، يحاول تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" السيطرة على ميناء رفح من خلال هجمات يومية على الكمائن المحيطة به.

وفي التفاصيل، أفادت مصادر قبلية، في حديث مع "العربي الجديد"، بأنّ "الجيش يشنّ حملة عسكرية واسعة النطاق منذ أيام عدة على مناطق أبو حلو والشلالفة، تخللها تفجير عدد من المنازل وتجريف الأراضي الزراعية، فيما طلب من عشرات السكان إخلاء المنطقة بصورة عاجلة، بالإضافة لسكان مناطق أخرى غرب المدينة، من دون أخذ الإجراءات المتبعة عادةً في إخلاء المنازل في مراحل إنشاء المنطقة العازلة برفح خلال السنوات الماضية".
وحي أبو حلو المقرر هدمه واقع خارج نطاق المنطقة العازلة التي أعلن عنها الجيش قبل أربعة أعوام تقريباً، وهو ما زاد الأسئلة حول الهدف من وراء هدمه في هذا التوقيت، قبل تأكيد مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" في وقت سابق أن "إسرائيل ممتعضة من الوجود السكاني قرب الموقع العسكري الأهم في جنوب قطاع غزة والمتمثل في موقع كرم أبو سالم شرق مدينة رفح الفلسطينية".

كما يُعتبر حي أبو حلو آخر نقطة يمكن من خلالها نقل البضائع والأدوية من سيناء لغزة، لينضم إلى أحياء وقرى مدينة رفح المهدمة، وبالتالي تنتهي فصول نقل البضائع من سيناء لغزة بشكل شبه تام، ما يزيد الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاماً.

وتزامنت هذه التطورات مع ما أفادت به مصادر سياسية مصرية، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "الجيش الثاني الميداني بدأ في تنفيذ تعليمات جديدة متعلقة بشمال سيناء خلال الأيام القليلة الماضية، في ضوء تفاهمات سياسية إقليمية متعلقة بتلك المنطقة ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروفة باسم صفقة القرن".

وفي سياق متصل، كشفت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" أن "تنظيم ولاية سيناء يحاول السيطرة على ميناء رفح القريب من الحدود مع قطاع غزة، من خلال هجمات متكررة وبشكل يومي على الكمائن والارتكازات القريبة منه، بعد هجوم عنيف تعرض له كمين الميناء قبل أسبوع، وكان باكورة الهجمات. وقُتل خلال هذه الأيام ما لا يقل عن عشرة جنود، وأصيب آخرون، فيما لم تعلن قوات الجيش أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات".



وأوضحت المصادر نفسها أن "مناطق الساحل برفح ما زالت خارج سيطرة الجيش بشكل كامل كبقية أحياء المدينة التي تم تهجيرها بعد طرد سكانها، ما ساعد التنظيم على التحرك، ومهاجمة قوات الجيش المتمركزة في محيط الكمين، وكذلك مهاجمة نقاط قوات حرس الحدود القريبة من المنطقة. أما التنظيم فنوّع في هجماته لناحية التوقيت، مهاجماً الكمائن في أوقات النهار والليل، مما أربك قوات الجيش. وهذا ما ظهر جلياً في عدم تحرك الجيش لمهاجمة المناطق التي تمركز فيها التنظيم خلال هجماته الأخيرة".

وجاءت هذه التطورات الميدانية في مدينة رفح، في الوقت الذي بدأت فيه قيادة عمليات الجيش المصري تخفيف الحصار عن سكان مدينة العريش وبئر العبد، بعد تضييق استمر خمسة أشهر متواصلة، منذ بدء العملية العسكرية الشاملة في 9 فبراير/شباط الماضي، ما أشار إلى أن دائرة الاستهداف باتت مركزة على مدينة رفح في الوقت الحالي، من خلال تشريد سكانها، ومسحها عن الخارطة بشكل كامل، تمهيداً لمخطط ما وفق ما رأى المتابعون للشأن في سيناء، بحسب الوقائع عن "صفقة القرن" التي أعدتها الإدارة الأميركية بالتنسيق مع بعض الدولة العربية وفي مقدمتها مصر.

وفي التعقيب على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "ما يحدث في مناطق جنوب رفح يمثل قراراً جديداً يقضي بإنهاء الوجود السكاني المصري على الحدود مع إسرائيل، من خلال طرد الأهالي وتجريف منازلهم، وجعلها منطقة مفتوحة، على غرار الحدود مع قطاع غزة. وهذا يمثل ضربة قاصمة للأمن القومي المصري، ويجعل الأرض المصرية عرضةً للتغول الإسرائيلي في حال اختلفت الأوضاع السياسية في وقت لاحق. وهذا ما قد يريده النظام المصري حالياً، أو بالأحرى يعمل على تنفيذه بناءً على تعليمات إسرائيلية، مقابل دعمه وإسناده في مواجهاته مع التنظيم بسيناء، وكذلك دعمه سياسياً أمام العالم".

وأضاف الباحث أن "ما يحدث في منطقة ميناء رفح قد يمثل خطوة استباقية للتنظيم للحصول على جزء من مغانم الصفقة المقبلة، من خلال سيطرته على الميناء الذي قد يكون أحد أجزاء هذه الصفقة في ظل قربه من مدينة رفح الفلسطينية. وبذلك يملك ورقة قوة وضغط على الأطراف المعنية، من أجل الحصول على مقابل، حتى من دون السيطرة عليه، من خلال التأثير على عمله، والاستهداف المستمر له، يمكنه إحداث تغيير في المشهد، لكن يبقى ذلك في إطار التوقعات، ما لم تحدث تطورات ميدانية خلال الأيام المقبلة".



المساهمون