أحزاب بوتفليقة تتجاوز المعارضة وتحضر لترشيحه في 28 سبتمبر

06 اغسطس 2018
بوتفليقة مرشح لولاية رئاسية خامسة (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -
بدأت الأحزاب الجزائرية الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحركاً سياسياً وسلسلة لقاءات لتنسيق المواقف، تحضيراً لتجمّع جماهيري مقرر في سبتمبر/أيلول المقبل لترشيح الرئيس للولاية الرئاسية الخامسة، في محاولة لتجاوز مبادرات سياسية متعلقة بهذا الصدد، أطلقتها قوى معارضة أبرزها مبادرة طرحتها حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، وتجاوز التأثير الذي أحدثته هذه المبادرات في المشهد السياسي في البلاد.

ويحضر 17 حزباً من الموالاة أبرزها جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية و10 تنظيمات عمالية ونقابية لتنظيم تجمع ضخم في العاصمة الجزائرية في 28 سبتمبر المقبل، للإعلان عن ترشيحها الرسمي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات المقررة في ربيع 2019، قبل خمسة أشهر من موعد الانتخابات، رغم أن بوتفليقة لم يعلن موقفه بعد.

وشهد الأسبوع الماضي لقاءات ثنائية بين قيادات حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية وحزب الكرامة، لتنسيق وتحضير هذا التجمع الجماهيري. وحرصت هذه الأحزاب على إعطاء بعد إعلامي لافت لهذه اللقاءات، رداً على اهتمام سياسي وإعلامي بالغ حظيت به لقاءات بين قادة أحزاب المعارضة أعطت لهذه الأخيرة صورة الممسكة بزمام المبادرة السياسية. واختارت قوى المولاة موعد 28 سبتمبر المقبل لتزامنه مع الذكرى الـ13 لإطلاق بوتفليقة مبادرة قانون السلم والمصالحة الوطنية في عام 2005، باعتباره أبرز منجز سياسي حققه بوتفليقة خلال ولاياته الرئاسية الأربع منذ عام 1999، ما أتاح إعادة الأمن والاستقرار في البلاد وتحسن الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي. كما ساهم في تسوية جزء من الملفات العالقة المترتبة عن الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر في التسعينيات، سامحاً بإقرار عفو لصالح المسلحين مقابل وقف النشاط الإرهابي والافراج عن 2200 سجين من نشطاء الجماعات المسلحة، وتسوية وضعية المفقودين ومنح عائلاتهم تعويضات مالية.


وكان مقرراً أن يتم التجمع والإعلان الجماعي لقوى الموالاة الـ27 في 20 أغسطس/آب الحالي بمناسبة "عيد المجاهد" المرتبط بثورة التحرير، لكن قيادات الأحزاب البارزة فضلت تأجيله إلى سبتمبر بسبب العطلة الصيفية. وحسمت أحزاب الموالاة موقفها بشأن خيار التمديد لبوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في العام المقبل، ورفضت أي نقاش مع قوى المعارضة أو التعاطي مع مبادرات للتوافق حول مرشح رئاسي للإجماع الوطني ورئيس حكومة وخطة انتقالية، كما طرحت حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية وحركة البناء الوطني. وأبلغ الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، ورئيس الحكومة، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، ورئيس حزب تجمع أمل الجزائر عمار غول، قادة أحزاب المعارضة خلال لقاءات علنية تمت الأسبوع الماضي أنها "حسمت موقفها لصالح ترشيح بوتفليقة، وأنها ليست على استعداد لمناقشة مسألة مرشح توافقي".

وقال ولد عباس في تصريح صحافي عقب لقائه مع وفد من حركة البناء الوطني، إنه "كان بصدد عرض مبادرة للإنقاذ الوطني والجبهة ناشدت الرئيس بوتفليقة الترشح لولاية خامسة وهي تعمل على هذا الأساس". كما أكد أويحيى في تصريح صحافي الأسبوع الماضي عقب اجتماعه بوفد من حركة مجتمع السلم، الذي يطرح فكرة الاتفاق على مرشح التوافق، أن "حزبه التجمع الوطني الديمقراطي متمسك بترشيح بوتفليقة لولاية خامسة". وأعلن رئيس تجمع أمل الجزائر عن الموقف نفسه. ودلّت هذه المواقف التي دفعت السلطة ومؤسسة الرئاسة باتجاهها على محاولة المحيط المقرب من بوتفليقة تجاوز أية اشتراطات قد تضعها قوة المعارضة، واستظهار قدرة السلطة على تجاوز المصاعب السياسية والاقتصادية، خصوصاً في ظل عدم قدرة المعارضة على استيعاب الشارع والتحكم في استعماله ضمن أدوات الضغط على السلطة لإجبارها على القبول بتفاهمات سياسية أو تقديم تنازلات تخصّ على الأقل شفافية العملية الانتخابية.

وفي مقابل حسمها لصالح مشروع الولاية الرئاسية الخامسة، طرحت أحزاب الموالاة على قوى المعارضة في الجزائر فكرة تنظيم مؤتمر للاتفاق على الخيارات الاقتصادية وحل المشكلات الاجتماعية العالقة التي شكّلت المحرّك الرئيس لاحتجاجات متفرقة في مناطق عدة من البلاد. كما أن الحكومة عجزت عن تحقيق أي منجز متعلق بالشق الاقتصادي في إنعاش القطاعات المنتجة كالصناعة والسياحة والزراعة، وكذلك السكن والعمل والصحة والتربية والخدمات.

بدورها، كشفت مصادر مسؤولة في الحكومة، لـ"العربي الجديد"، أن "تحرّك أحزاب الموالاة لشغل الساحة السياسية وصدّ هجوم المعارضة واستيعاب مبادراتها السياسية، مرتبط إلى حد بعيد بإشارات تلقتها من أعلى هرم السلطة، بشأن التوجه نحو سيناريو التمديد للرئيس بوتفليقة في شكل ولاية رئاسية خامسة، يكون ضمن أجندتها إحداث تعديل دستوري جديد يتم بموجبه استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية، لشغل صلاحيات الرئيس في حال حصول أي طارئ متعلق بالوضع الصحي لبوتفليقة الذي يعاني من متاعب صحية منذ إبريل/نيسان 2013، دفعته للتغيّب بكثرة عن المشهد وإثارة الشكوك حول قدرته على الحكم وإدارة شؤون البلاد.