لبنان: نعي غير رسمي لتسوية عون - الحريري الرئاسية

11 أكتوبر 2016
استمرار التلويح العوني بلغة الشارع (حسين بيضون)
+ الخط -
فجّر وزير الخارجية اللبناني، صهر رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، جبران باسيل، أجواء التفاؤل التي خيمت على المشاورات الرئاسية الأخيرة التي طرحت إيصال عون إلى قصر بعبدا الرئاسي بدعم من زعيم كتلة المستقبل، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.

أطلّ باسيل خلال نشاط للتيار الوطني الحرّ للقول إنّ "من اعتاد أن يزحف ليكون رئيساً للجمهورية، لن يرانا زاحفين ولا راكعين بل واقفين ورأسنا إلى الأعلى"، في نيران كلامية وجّهها إلى حليفه المفترض وحليف حزب الله والنظام السوري، النائب سليمان فرنجية. واستكمل باسيل هجومه على معارضي التسوية الرئاسية، مشيراً إلى أنّ "من يدعونا إلى المبادرة من أجل الزحف للرئاسة نحن لن نزحف للرئاسة، من يدعو للمبادرة من أجل أن نجري تنازلات للرئاسة، نحن لن نجري أي تنازلات للرئاسة".

وهو كلام موجّه بشكل رئيسي إلى كل من رئيس البرلمان، نبيه بري، الذي يعارض بشكل واضح وصول عون من خلال فرضه "سلّة" الحل الكامل التي تتضمنّ التوافق على اسم رئيس جديد للجمهورية وتحديد رئيس حكومة العهد الجديد وكذلك التفاهم المسبق على الحقائب الوزارية السيادية والقانون الانتخابي. كما أنه يمكن القول إنّ كلام باسيل الأخير يطاول كل المعترضين على وصول عون، وأبرزهم رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، ورئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، الذين سبقوا وعبّروا عن تخوّفهم من نجاح عون خلال لقاءات جمعتهم بعرّاب التسوية، سعد الحريري. فظهر كلام باسيل كنعوة غير رسمية، أو إيحاء فعلي، لفشل المشاورات القائمة. مع العلم أنه سبق للوزير باسيل أن أطلق سلسلة مواقف حادة خلال التشاور السري الذي كان قائماً مع الحريري. حتى أنه استمرّ في هذا الخطاب المتشدّد بعد كشف تلك المشاورات، وهو ما يدفع العديدين من المسؤولين اللبنانيين إلى السؤال: هل يريد باسيل إيصال عمّه النائب ميشال عون إلى الرئاسة أم هو المعرقل الفعلي لهذه التسوية؟


وفي الوقت نفسه، أكد مسؤولون في التيار الوطني الحرّ لـ"العربي الجديد" أنّ "التشاور مستمر مع الحريري وفريقه في بيروت، ولا تزال الاتصالات قائمة بهدف تأمين الأرضية اللازمة لهذه التسوية". ويتم الحديث اليوم، في أروقة "الرابية" (مقرّ إقامة عون، شرقي بيروت)، عن إمكانية عقد تفاهم سياسي بين عون والحريري، ولو أنّ التوصّل إلى ورقة سياسية ثنائية تحتاج إلى الكثير من الجهود وإلى أسابيع وربما أشهر من العمل. وانخفض منسوب التفاؤل العوني بشأن تاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الموعد المحدّد لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية في البرلمان. كما عاد إلى الواجهة، التأزيم الحاصل على مستوى المنطقة من اليمن إلى سورية وما يفرضه من استبعاد أي احتمال لإقامة حلّ داخلي للأزمة السياسية المستمرة منذ مايو/أيار 2014.

وإذا كان باسيل أكد رفضه التام لمبدأ "الزحف للرئاسة"، فإنّ قيادة التيار الوطني الحرّ باشرت التحضير لزحف من نوع آخر، يتمثّل بالمهرجان السياسي المفترض أن يقيمه عون بمناسبة ذكرى 13 تشرين الأول، أي ذكرى اجتياح القوات السورية لقصر بعبدا الرئاسي وإطاحتها بالحكومة العسكرية التي كان يرأسها عون (بين أعوام 1988 و1990). وأعاد كلام باسيل شدّ الخطاب العوني في هذه الذكرى، خصوصاً بعدما سبق أن أكدت قيادات في التيار لـ"العربي الجديد" على أنّ "المشاورات الرئاسية الجارية قد تعدّل في خطاب التيار"، ليتضح أنّ العونيين باتوا ضائعين اليوم بين اللعب على موقف حاد قادر على استقطاب الناس من جهة ومداراة الطبخة الرئاسية سياسياً من جهة أخرى.

وبدأت الدعوات تصدر عن هيئات التيار الوطني الحرّ، للمشاركة في المهرجان، إذ بدأ المواطنون اللبنانيون يتلقون رسائل على هواتفهم تدعوهم إلى تلبية نداء عون. فعمّمت، مثلاً، أمانة سر قضاء بعبدا في "التيار" على أبناء القضاء رسالة تقول الآتي: "13 تشرين 1990 لم يموتوا بل استشهدوا، لم يستشهدوا لنعيش بل استشهدوا لنحيا، ففي الحياة من المعاني ما لا وجود له في العيش. تخليداً لشهدائنا الأبرار، سنزرع الحياة في شوارع بيت الشعب يوم الأحد 16 (أكتوبر) عند الحادية عشرة صباحاً". والمقصود بـ"بيت الشعب"، أي التسمية الي أطلقها عون على قصر بعبدا الرئاسي خلال ترؤسه الحكومة العسكرية، لإضفاء الطابع الشعبي على حركته السياسية وقتها.

وفي حال الفشل الفعلي للتسوية بين الحريري وعون، فإنّ التردّدات ستطاول جملة من الملفات أبرزرها الحكومة الحالية التي يقاطعها فريق عون نصف مقاطعة، والجلسة التشريعية المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري، إضافة إلى التلويح العوني المستمرّ بلغة الشارع. ويبدو أنّ موعد 13 تشرين سيحمل إشارة واضحة إلى مصير المشاورات ومسارها.