غضب دبلوماسي من ضبابية السيسي حيال نقل السفارة الأميركية

29 يناير 2017
يراهن السيسي على ترامب (الأناضول)
+ الخط -
يعيد الموقف الضبابي الذي اتخذه رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، حيال خطة الإدارة الأميركية الجديدة نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، إلى الأذهان الطريقة التي تعامل بها مع الأزمة السورية والحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عندما تولّى الحكم منذ عامين ونصف العام. وقد اتسمت هذه الطريقة بغياب الموقف الحاسم، ما أدى إلى تهميش دور مصر واستبعادها من المحادثات الدولية والإقليمية حول الأزمة السورية.
وبدلاً من أن يعلن تأييده الخطوة التي تعهّد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أو يتخذ موقفاً واضحاً بمعارضته لها، قال السيسي في معرض إجابته على سؤال من شاب مصري في لقاء مع الشباب المشاركين في مؤتمر للرئاسة، يوم الجمعة الماضي، إن "مصر منتبهة لهذا الأمر، ولا تريد تعقيد الأمور، وإن تحقيق السلام للفلسطينيين نقطة فاصلة في المنطقة". ولفت إلى أنه يبلغ "المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بأهمية ذلك، وأن مصر تبذل جهوداً حتى لا يزداد الأمر تعقيداً"، وفق كلام السيسي.

ولم يعبر حديث السيسي المقتضب عن أي موقف إزاء هذه الخطوة، على عكس الرفض القاطع الذي ووجهت به من قبل السلطة الفلسطينية إلى حد مطالبتها روسيا بالتدخل لعرقلة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتهديدها بسحب اعترافها بدولة الاحتلال.

وتفسر مصادر في وزارة الخارجية المصرية موقف السيسي المحايد تجاه هذه الأزمة بأنه لا يريد التصادم مع ترامب، لأنه يراهن عليه "تماماً". وغاية السيسي لا تتمثل فقط بضمان تدفق المساعدات الأميركية إلى مصر وتوقف انتقادات واشنطن لسياساته الداخلية، بل أيضاً بأن يكون للسيسي دور إقليمي قوي، ربما يساعده في مواجهة الدول الأخرى التي اتخذت مواقف سلبية من مصر في الآونة الأخيرة، بما في ذلك السعودية. وتوضح المصادر الدبلوماسية المصرية أن "السيسي يكرر نفس الخطأ الذي ارتكبه في الأزمة السورية عندما اختار الحياد بين روسيا والسعودية في أوقات عصيبة بين الطرفين". وتضيف أن تصرفه "كلفه خسارة الإمدادات السعودية البترولية منذ أربعة أشهر، وفي الوقت نفسه لم تحقق العلاقة بروسيا أي تقدم ملموس، في ظل إرجاء استئناف رحلات الطيران مرات عدة، وإرجاء توقيع الاتفاق النهائي لمشروع مفاعل الضبعة النووي أيضاً".


وتشير المصادر إلى أن خسارة مصر في "ضبابية" الموقف من خطوة نقل السفارة الأميركية، سواء تمت الخطوة أم لا، تتمثل في فقدانها الحد الأدنى من التأثير على القضية الفلسطينية، والذي يعتبر أحد ثوابت السياسة الإقليمية المصرية حتى في أكثر فترات تبعية النظام المصري للولايات المتحدة. وفي السياق، تذكّر المصادر بأن الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وفي أكثر من مرة خلال عهده، سحب السفير المصري من تل أبيب، وأعلن معارضته سياسات أميركية وإسرائيلية كان يراها تؤثر سلباً على عملية السلام، وفق المصادر.

وتؤكد المصادر المصرية أن إصرار السيسي على هذه المواقف غير الحاسمة "يثير غضباً في أوساط الدبلوماسية المصرية، لا سيما أنه تلقى تحذيرات داخلية، من وزارة الخارجية تارةً، ومن الاستخبارات العامة تارةً أخرى، بضرورة ترسيخ صورته كندّ لإسرائيل، وأن يجعل بينه وبين الإدارة الأميركية الجديدة مسافة معقولة نظراً لسمعتها المتراجعة في الأوساط الدبلوماسية والنخبوية المصرية"، على حد وصف المصادر.

وتعتبر المصادر أن تعمد السيسي إعلان هذا الموقف غير الحاسم من الخطوة الأميركية يدل على أنه سيتعامل مع ترامب، بـ"انكفاء وتقاعس"، على الأقل إلى حين لقائهما المرتقب في واشنطن، والمرجح أن يكون في مارس/آذار أو إبريل/نيسان المقبلين.

يذكر أن الاستفسارات التي وجهت للسيسي خلال مؤتمر الشباب، والتي تمت مراجعتها مسبقاً من قبل أحد أفراد دائرته الإعلامية، ركزت على المشاريع والأحوال الاقتصادية لمناطق الصعيد، وتناولت مسألتين دوليتين فقط هما خطوة نقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل وأزمة سد النهضة مع إثيوبيا، والتي علق عليها السيسي باقتضاب دون تفاصيل. ولم تتطرق الأسئلة إلى وضع جزيرتي تيران وصنافير، ليكون السيسي بذلك قد ظهر مرتين إعلامياً في أعقاب الحكم البات ببطلان اتفاقية تسليمهما للسعودية من دون أن يعلق على القضية.
وبدا السيسي منفعلاً، خلال الجلسة التي تطرقت إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الصعيد، وتحديداً مع السماح بمداخلات عدد من الشباب، لا سيما في ما يتعلق بالأزمات التي تواجه مصر. وألقى باللوم على الشعب في انتهاج بعض السلوكيات الخاطئة، على حد وصفه.