عمليات الطعن: سلاح الأسرى لمواجهة السجان الإسرائيلي

03 فبراير 2017
من فعالية تضامنية مع الأسرى في غزة(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لا يقتصر نضال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي على الإضراب عن الطعام والخطوات الجماعية التي يتخذونها عادة للرد على تصاعد الانتهاكات بحقهم، والعقوبات التي تفرض ضدهم، بل يشمل أشكالاً مختلفة من النضال من بينها عمليات الطعن.

تستهدف عمليات الطعن، التي يقوم بها بعض الأسرى الفلسطينيين بالدرجة الأولى، السجانين الأكثر قسوة والأشد فتكاً بالأسرى. وهي عمليات فردية غالباً ما يقوم بها الأسير بشكل شخصي، من دون الرجوع لتنظيمه، إلا في حالات نادرة كانت مغطاة تنظيمياً في السجن.

وتمكن أسيران فلسطينيان، في عمليتين منفردتين، يوم الأربعاء الماضي، من طعن سجانين اثنين في سجني نفحة والنقب في الداخل المحتل، رداً على "العدوان الممارس بحق الأسرى" والتضييق الذي فاق كل حدود، وتصاعد أخيراً بشكل خاص.

وعادة ما تؤدي عمليات الطعن إلى إصابة السجان بجراح. ولم يسجل وفق معلومات "العربي الجديد" أنْ قُتل سجان إسرائيلي جراء العمليات التي يقوم بها الأسرى بأدوات بسيطة على غرار "شفرات الحلاقة".

ويقول رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ عشرات عمليات الطعن نُفذت على مدار عُمر السجون، وهي حالات أعمال فردية، وكانت في فترات متباعدة مرتبطة بحجم الضغط الذي يتعرض له الأسرى.

ويشير فروانة إلى أنّ عمليات الطعن ليست شكلاً معتمداً وثابتاً لدى الحركة الفلسطينية الأسيرة، بل ما يجري هو حالة نضالية فردية، تعكس حالة الضغط التي يحياها الأسرى بشكل جماعي أو فردي. ويلفت إلى أنّ الانتهاكات والاعتداءات تدفع الأسير إلى اتخاذ قرار فوري وسريع بالرد على ما يتعرض له هو وزملاؤه من إهانة وإذلال. وفي أحيان كثيرة، كانت العمليات بقرار فردي وليس بغطاء وقرار تنظيمي، باستثناء عدد محدود من الحالات كانت بقرار تنظيمي.

ويوضح فروانة أنّ الأسباب التي تدفع المواطن الفلسطيني لمقاومة الاحتلال، على الرغم من أنه يعرف أنه سيستشهد أو يُعتقل ويعذب، هي ذاتها التي تدفع الأسرى للطعن، في ظل حالة القهر والإذلال والمعاملة الوحشية الممنهجة التي تُمارس من قبل السجان.

ويبيّن فروانة أنّ الأسير المُقدم على طعن أحد السجانين "لا يعود يحتمل هذا الإذلال، ويريد أن يدافع عن كرامته ويريد أنّ يعبر عن وجوده في الأسر". ويلفت إلى أن "الأسير يرى في المحتل والسجان أداة من أدوات الاحتلال ويريد أّن ينتقم لنفسه ولبقية الأسرى".

ويخضع الأسير الذي يقوم بعملية الطعن لعقوبات شديدة من قبل السجان الإسرائيلي. كما تطاول العقوبات الأسرى في قسمه وفي السجن أيضاً. ولا يكترث الأسير المقدم على العملية لما سيتعرض له لاحقاً، وفق فروانة.

ويشدد فروانة على أنّ إدارة السجون ترى في هذه العمليات شكلاً من المقاومة، وهي لا ترغب في ذلك ولا في أنّ يكررها الأسرى الآخرون، ولذلك "حينما يلجأ أسير لتنفيذ مثل هذه العمليات تنظر إدارة السجون بخطورة للأمر، وتعاقبه بشدة وتلحق الأذى به بشكل جنوني، وتعزله لفترات طويلة في زنازين العزل الانفرادي".

ويؤكد فروانة أنّ هذه الأعمال الفردية هي رد طبيعي على ما ترتكبه إدارة السجون من قمع وتنكيل وإذلال بحق الأسرى الفلسطينيين. ويشدد على أن سلطات الاحتلال هي من تتحمل مسؤولية التصعيد داخل السجون، موضحاً أنه إذا استمر الضغط في السجون فإنّ مثل هذه الأحداث وردات الفعل ستتكرر وربما تأخذ مناحي أخرى.

من جهته، يقول مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين، عبد الله قنديل، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ لجوء الأسرى لعمليات الطعن داخل السجون مؤشر خطير يؤثر سلباً على حياة الأسير، ويطاول كامل الحركة الأسيرة داخل السجون.

ويبيّن قنديل أنّ لجوء الأسرى لهذه العمليات يعتبر مرحلة خطيرة، تعطي مؤشراً حقيقياً على واقع الأسرى داخل السجون وطبيعة الانتهاكات التي يتعرضون لها، بدءاً من إلقاء طعامهم على الحواجز وتفتيش عوائلهم شبه العاري. ويضاف إلى ذلك الممارسات التي تجري بحقهم داخل أقبية السجون وغرف التحقيق.  
ويشير قنديل إلى أنّ الأسرى حذروا مراراً، طيلة الفترة الماضية، من خطوات غير مسبوقة ولا معهودة، ويبدو أنهم قاموا بتنفيذ جزء منها عبر عمليات الطعن الأخيرة التي جرت داخل السجون الإسرائيلية.

ويحذر مدير جمعية واعد من قيام الاحتلال الإسرائيلي بعمليات تصفية وقتل للأسرى الفلسطينيين داخل السجون كنوع من الرد على عمليات الطعن الأخيرة، داعياً إلى ضرورة وجود لجان تفتيش ومتابعة دولية على السجون الإسرائيلية ومراقبة ما يجري للأسرى عن كثب. ويلفت قنديل إلى أنّ الاحتلال أقدم منذ العمليتين الأخيرتين على مصادرة جميع الأجهزة والأدوات الكهربائية، بالإضافة إلى عزل ما يزيد على 70 أسيراً فلسطينياً على رأسهم الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة "حماس" داخل السجون الإسرائيلية.

المساهمون