دوائر السيسي تجهز القوائم المغلقة للتحكم بتركيبة برلمان 2020

27 مارس 2019
توسيع الدوائر سيقلص حظوظ النواب الحاليين (العربي الجديد)
+ الخط -
تقول مصادر برلمانية مصرية محسوبة على المعارضة، لـ"العربي الجديد"، إن 75 في المائة على الأقل من أعضاء البرلمان الحالي لن يفوزوا بمقاعدهم مجدداً، وسيكون العام المتبقي على انتهاء الدورة التشريعية آخر عهدهم في مجلس النواب، وتشير إلى أن النظام استقر بصورة نهائية على شكل النظام الانتخابي في قانون الانتخابات الجديد، والمقرر طرحه للنقاش والتصويت في أعقاب تمرير الدستور. وأفادت المصادر بأن نظام الانتخاب المحدد لمجلسي النواب والشيوخ في العام 2020، سيكون بواقع 75 في المائة للقوائم المغلقة، و25 في المائة للمقاعد الفردية، ما يعني أن القوائم التي سيضعها النظام، أو أجهزته الأمنية بمعنى أدق، هي التي ستستحوذ على ثلاثة أرباع مقاعد البرلمان، على اعتبار أن إعلان فوزها كاملة يكون بحصولها على 50% + 1 من أصوات الناخبين. وتضيف المصادر أن النظام يرفض تماماً الأخذ بنظام القائمة النسبية، والذي يسمح بتمثيل أوسع للأحزاب، وعدم إهدار أصوات الناخبين كالقائمة المغلقة، حتى يضمن سيطرته الكاملة على تشكيلة البرلمان المقبل، لافتة إلى أن تخصيص 25 في المائة للنظام الفردي، سيوسع بشكل كبير في النطاق الجغرافي للدوائر، بحيث تصبح المحافظة دائرة انتخابية واحدة، أو دائرتين على أبعد تقدير.

وتوضح المصادر أن توسيع الدوائر سيقلص حظوظ النواب الحاليين، خصوصاً المستقلين منهم وأصحاب الشعبية في دوائرهم، لعدم قدرتهم على الحصول على أصوات الناخبين من خارج مناطق نفوذهم، مؤكدة أنه يعزز في المقابل من فرص رجال الأعمال المحسوبين على الدولة (النظام)، والذين يستطيعون صرف الملايين من الجنيهات على الدعاية الانتخابية في المساحات المترامية. الأمر ذاته يؤكده مصدر بارز في ائتلاف الأغلبية النيابية، المسمى "دعم مصر"، والذي شُكل بمعرفة الاستخبارات. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن قوائم انتخابات مجلسي النواب والشيوخ تجهز من الآن، وتُطعم بأسماء العشرات من أعضاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب التابعة لمؤسسة الرئاسة، وهو ما قد يؤدي إلى الإطاحة بعدد كبير من أعضاء البرلمان الحاليين، كون الائتلاف سيُعلن حل نفسه بانتهاء الدورة التشريعية. ويضيف المصدر أن تشكيل مجلس النواب الجديد سيتضمن "كوتا" للمرأة بواقع 25 في المائة، بموجب التعديلات الدستورية المقرر الاستفتاء عليها شعبياً في إبريل/ نيسان المقبل، مشيراً إلى أن هذه النسبة ستخصص بالكامل من حصة مقاعد القائمة، بحيث تستحوذ المرأة على ثلث القوائم المغلقة المدعومة من الدولة، ما يعني أن الصراع سيكون على أشده بالنسبة للثلثين المتبقيين من القوائم.


في غضون ذلك، يقول مصدر مطلع في الأمانة العامة للبرلمان، إن مجموعة كبيرة من النواب الحاليين باتوا "محروقين" في دوائرهم، نتيجة موالاتهم بشكل دائم لتشريعات الحكومة، وهو ما يسهل مهمة التضحية بهم، واستبدالهم بآخرين من الوجوه الشابة والجديدة، من دون أن يشفع لنواب المجلس القائم تمريرهم لتعديلات الدستور، أو اتفاقيات مهمة كترسيم الحدود البحرية مع السعودية، فضلاً عن انحيازهم المطلق للسلطة، بتمرير موازنات غير دستورية أدت إلى رفع الأعباء المعيشية على الشعب، واتفاقيات قروض تثقل الأجيال المقبلة بالديون. ويشير المصدر إلى أن ائتلاف "دعم مصر" منوطة به مهمة أخيرة قبل إعلان حله، وهي تبني قانون الانتخابات الجديد، رفعاً للحرج عن الحكومة، متحملاً ردود الفعل الغاضبة إزاء التشريع المنتظر من أغلب الأحزاب، بوصفه يقطع الطريق أمام أي تمثيل حزبي حقيقي في مجلس النواب المقبل، ويُهدر نحو 49 في المائة من أصوات الناخبين، على خلاف نظام القائمة النسبية الذي يوزع مقاعد البرلمان وفقاً لعدد الأصوات الحاصلة عليها الأحزاب. ويتابع "لن يسمح النظام الانتخابي الجديد بتسرب نواب مخالفين لتوجهات السلطة الحاكمة، أو من المنتقدين بشكل مستمر لتشريعات السلطة على وسائل الإعلام، أو مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار تكتل 25-30". ويضم التكتل 16 نائباً، يصنفون أنفسهم كمعارضين منذ تمرير اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، على الرغم من انعدام تأثير أعضائه في التصويت داخل البرلمان الحالي.

وسبق أن قالت مصادر نيابية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام الحاكم لديه رغبة في إقصاء أي صوت معارض، حتى وإن كان معتدلاً، ويرغب في الإصلاح من الداخل"، مؤكدة أن "قانون الانتخابات الجديد يستهدف تهميش الأحزاب، عدا المحسوبة على الدولة والمدعومة من أجهزتها، وقصر عضوية البرلمان على الموالين دون غيرهم، ومنع أصحاب الرأي الآخر من تمثيل المواطنين تحت القبة". وفي يونيو/ حزيران 2017، وافق مجلس النواب على قانون تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات، متضمناً نصاً يحظر الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية بحلول عام 2024، ما يمهد لعودة عهود التزوير قبل اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وسيطرة الأجهزة التنفيذية، ممثلة في وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني التابع لها، على الصناديق الانتخابية. وبات في حكم المؤكد تصويت أغلبية البرلمان على تأييد تعديلات الدستور، التي تسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الثانية الحالية في العام 2022، وإنشاء مجلس أعلى لجميع الهيئات القضائية برئاسته، في وقت تتصاعد فيه تحركات المعارضة الشعبية، على وقع فعاليات حملة "إطمن أنت مش لوحدك"، التي تطعن في مشروعية النظام الحالي، وتُهدد باستمراره لفترة طويلة، حسب مراقبين.

المساهمون