مدير الحرم الإبراهيمي حفظي أبو سنينة أكد، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أن الإدارة المدنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، أبلغت الإدارة العامة لأوقاف الخليل، بعد عصر أمس الثلاثاء، بقرار المصادرة، وقرار إنشاء مسارٍ سياحي وإقامة مصعد في الحرم الإبراهيمي، موضحاً أن المديرية أرسلت بمذكرة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية بخصوص ذلك.
وأشار إلى وجود دائرة قانونية في الوزارة تقوم الآن بمتابعة القرار، وإجراءات الاعتراض عليه، ورفع مذكرات لمنظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" التي كانت أدرجت الحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي.
ومن المقرر المضي بإجراءات التخطيط للمشروع الاستيطاني الجديد في غضون 60 يومًا من موعد نشر الأمر، شريطة عدم تقديم أي اعتراض قضائي عليه.
وحول جدوى ذلك الاعتراض والمسار القانوني، قال رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، لـ"العربي الجديد"، إن "القضاء الإسرائيلي، وخصوصاً في المرحلة الأخيرة، لا يلتزم حتى بالقانون الإسرائيلي بما يتعلق بالفلسطينيين، وهو قضاء مسيس وأغلب القضاة أصبحوا من المستوطنين".
وأكد رئيس البلدية، أنه وجه "دعوة للعديد من المؤسسات كمحافظة الخليل ومديرية الأوقاف والغرفة التجارية والارتباط الفلسطيني ولجنة الإعمار في الخليل، لعقد لقاء يتدارس الخطوة التالية التي يجب الذهاب إليها لإفشال قرار الاحتلال".
وحول الاعتراضات في الجهاز القضائي الإسرائيلي، أشار الناشط الحقوقي هشام الشرباتي لـ"العربي الجديد"، إلى أنها "شكلية أكثر من أي شيء، ويتم الرهان عليها أحياناً لكسب الوقت ليحين ظرف سياسي مختلف أو أي انفراجة"، لكنه استدرك بالقول إنه "لا أفق سياسياً لتلك الخطوة، ودولة الاحتلال تعلن بشكل واضح أنها ستضم أجزاء واسعة في الخليل والأغوار، ولا يتبقى سوى المحاكم الدولية لأن الاحتلال لا يملك وفق القانون الدولي استملاك أراضٍ محتلة"، مشيراً إلى أن "تلك الأراضي حالياً تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وهناك فرق كبير بين الاستملاك والسيطرة لأغراض عسكرية".
ويبدو رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة متفقاً مع فحوى ما جاء في تغريدة على "تويتر" لعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، حول تأثير الأمر الإسرائيلي على بروتوكول الخليل، قائلاً إن "القرار طلقة رحمة على البروتوكول"، لكن أبو سنينة يرى أن هذه الخطوة "لا يجب أن تُنهي بروتوكول الخليل وحسب، بل يجب أن تنهي كل توجه للمفاوضات لأنها ستصبح ضرباً من ضروب العبث".
وأضاف أبو سنينة، "نحن تحت احتلال، فلماذا نأخذ عنه الوجه القذر ويصبح احتلالاً نظيفاً مدفوع الأجر؟ يجب أن نفكر جدياً بحل السلطة ونرمي القفاز بوجه الاحتلال ليتحمل مسؤوليته تجاه الأراضي المحتلة، لا يستوي أن يُملي علينا الاحتلال ويُنفذ ما يريد، ونبقى نتحدث عن سلطة، سلطة بلا سيادة، فليتحملوا المسؤولية ويُمارسوا الاحتلال بشكل مباشر".
وحذر أبو سنينة الاحتلال من أن "الشعب الفلسطيني وإن كان يبدو في هدوء، إلا أن الشعوب لا تستكين ولا تستلم ولكنها تنفجر في الوقت المناسب".
الشرباتي من جهته، طالب السلطة الفلسطينية والحركة الوطنية بأن تكون لها "مواقف أكثر جدية"، مشككاً في الحديث عن إنهاء اتفاقات؛ قائلاً: "السلطة تحدثت عن انتهاء حل الدولتين أوسلو، وسبق ذلك كثير من التصريحات لكن المشكلة في الجانب العملي، المسألة هل هناك إجراء فلسطيني يعكس الحديث عن الانفكاك، ولو جزئياً، من اتفاق أوسلو، الاحتلال لم يلتزم ببروتوكول الخليل كما باقي اتفاق أوسلو، لكن السلطة تتمسك به رغم التصريحات الشفهية عن تحديد العلاقات مع الاحتلال".
ويعود بروتوكول الخليل إلى عام 1997، وقسم المدينة إلى منطقتين الأولى تحت السيطرة الأمنية الفلسطينية، والثانية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وينص على إعادة الحياة إلى طبيعتها في البلدة القديمة ومنها فتح شارع الشهداء أمام المركبات، لكن الاحتلال لم ينفذ ذلك، بل منع السير على الأقدام في الشارع.
وشدد أبو سنينة على أن القرار الأخير وإنشاء المسار السياحي والمصعد الذي سيسهل وصول المستوطنين للمسجد، "يُعتبر تعدياً صارخاً على المسجد وتغييراً لمعالمه، وإعلاناً للسيطرة التامة للاحتلال عليه".
بدوره، حذر نائب محافظ الخليل رفيق الجعبري، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، اليوم الأربعاء، من "عواقب وخيمة" في حال تنفيذ المشروع الاستيطاني بإقامة طريق لمرور المستوطنين في الحرم الإبراهيمي وإقامة مصعد لهم.
وأكد الجعبري أن "بلدية الخليل ولجنة الإعمار شرعتا بإجراءات ومتابعات قانونية للحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط الخطير".