معارك الحسم في سورية: بدء معركة الرقة ومواجهات في درعا

عدنان علي

avata
عدنان علي
05 يونيو 2017
C7130131-23E9-44A2-A298-76FAC5360662
+ الخط -
تكثفت المؤشرات على قرب اندلاع معركتين كبيرتين في سورية، الأولى في مدينة الرقة، شرق البلاد بين "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والثانية جنوبها في مدينة درعا، بين فصائل المعارضة وقوات النظام والمليشيات المقاتلة معها، إثر حشد النظام قوات كبيرة على أطراف المدينة استعداداً لإطلاق عملية واسعة، قد تتخطى الهدف المعلن منها وهو "استعادة ما خسره النظام في حي المنشية بدرعا البلد"، إلى "استعادة درعا البلد كلها"، لتكون مدينة درعا كاملة تحت سيطرته، كونه يسيطر حالياً على درعا المحطة. وفي المقابل، تحشد قوات المعارضة بدورها لمواصلة معركة "الموت ولا المذلة" واستكمال السيطرة على حي المنشية وحي سجنة ومحاصرة قوات النظام في درعا البلد.


في هذا السياق، صعّدت قوات النظام من قصفها الجوي والصاروخي على مناطق سيطرة قوات المعارضة في درعا البلد والمناطق المحيطة، مما أوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين، في تمهيد يسبق هجوماً عسكريّاً شاملاً على المنطقة من جانب قوات النظام.

وقد أعلنت مصادر من طرف النظام بالفعل بدء هذا الهجوم أمس، الأحد، عبر قوات خاصة من "الفرقة الرابعة" بقيادة ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد. وذكرت صفحات لمقرّبين من هذه الفرقة، أنه "بدأت منذ صباح أمس أشرس معركة في درعا، بقيادة قوات الغيث في الفرقة الرابعة. وبدأنا من المخيم وقد أحرزت قوات الغيث تقدماً كبيراً في المنطقة".

وكانت قد انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صور لأرتال "قوات الغيث" (الفرقة الرابعة)، بقيادة العميد غياث دلة، وهي متجهة من دمشق إلى درعا. ومنذ أواخر الشهر الماضي، عمدت قوات النظام إلى إرسال تعزيزات كبيرة إلى درعا، وصل بعضها إلى أطراف المدينة، لكن جميعها مركزة في منطقتي إزرع وخربة غزالة، الخاضعتين لسيطرة النظام في الريف الشمالي. وضمّت تلك القوات مئات المقاتلين من "الفرقة الرابعة". وقد راجت معلومات بأن رئيس الفرقة زار إزرع نهاية الشهر الماضي برفقة عدد من ضباط فرقته، الذين ما زالوا هناك بغية التخطيط والمشاركة في معركة درعا المرتقبة. وشهدت الساعات الماضية تكثيفاً لافتاً في قصف النظام لأحياء درعا البلد والمناطق المحيطة وحتى المناطق البعيدة نسبياً.

وذكرت الصحافية، سارة الحوراني، الموجودة في درعا البلد لـ"العربي الجديد"، أن "طائرات النظام شنّت خلال الساعات الماضية أكثر من 10 غارات جوية على أحياء درعا البلد، فيما ألقت المروحيات عشرات البراميل المتفجرة. كما سقط على المنطقة والمناطق المجاورة عشرات الصواريخ من نوع (فيل) مما تسبب في دمار هائل في تلك الأحياء، التي أزيل بعضها عن الخريطة بشكل تام تقريباً".



وأوضحت الحوراني أن "بعض البراميل المتفجرة كانت تحمل مادة النابالم الحارقة"، مشيرة إلى أن "القصف طاول بشكل خاص مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، وطريق السدّ، الذي أُلقيت عليه براميل متفجرة عدة، وسقط فيه عدد من القتلى والجرحى". وكشفت عن أن "حصيلة عمليات النظام في درعا البلد والمناطق المحيطة بها خلال الساعات الماضية بلغت حد إلقاء النظام 53 صاروخاً من نوع فيل و30 برميلاً متفجّراً وأكثر من 15 غارة جوية".

وحول الهجوم الذي تحدثت عنه قوات النظام في درعا، أفادت الحوراني بأن "تلك القوات تحاول بعد أن عجزت عن تحقيق أي تقدم في درعا البلد برغم ضراوة القصف الجوي والصاروخي، تحقيق تقدم من جهة المخيم وطريق السد بعد استهداف المنطقتين بقصف جنوني"، مشيرة إلى أنه "حققت بالفعل تقدماً طفيفاً في هاتين المنطقتين". وقد طاول القصف الجوي أيضاً بلدة الغارية الغربية، حيث قُتلت سيدتان، وسقط عدد كبير من الجرحى معظمهم نساء وأطفال جراء إلقاء براميل متفجرة على البلدة.

من جانبها، نعت فصائل المعارضة عشرةً من مقاتليها، قُتلوا في المواجهات مع قوات النظام والمليشيات الموالية له في درعا البلد. كما أُعلن عن مقتل قائد "لواء مغاوير اللجاة" التابع للجيش الحر بانفجار عبوة ناسفة في منطقة اللجاة، شرق درعا.

بدورها، قصفت فصائل الجيش الحر بالصواريخ مبنى المخابرات الجوية والمطاحن على أطراف مدينة درعا. كما استهدف القصف بصاروخ "عمر"، محلي الصنع، وبالخراطيم المتفجرة، مقرّ عمليات قوات النظام والمليشيات الموالية له بحي سجنة. وطاول قصف براجمات الصواريخ غرفة عمليات النظام الرئيسية في ملعب البانوراما، شمال درعا. وأكدت "غرفة عمليات البنيان المرصوص" مقتل أربعة من مقاتلي حزب الله في حي المنشية، بينما انسحب مقاتلو "لواء فاطميون" من الحي، وذلك عقب مشاحنات مع قوات النظام وحزب الله.

ورأى مصدر عسكري من المعارضة السورية في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "قوات النظام وهي تحاول جس النبض لاستكشاف الجهة المناسبة لبدء هجومها على درعا البلد، قد تحاول السيطرة على المناطق الشرقية المحيطة بمدينة درعا، بغية قطع خطوط الإمداد عن قوات المعارضة"، مشيراً إلى "تكثيف الغارات الجوية على بلدة النعيمة المجاورة لدرعا من الجهة الشرقية، وعلى بلدة غرز التي تضم محكمة دار العدل في حوران، والتي تم إخلاؤها منذ أيام تحسباً لمثل هذه الاحتمالات". وأضاف أن "قوات النظام تحاول رسم حدود المنطقة الجنوبية، استباقاً لاجتماعات أستانة التي ستبحث هذه الحدود بعد نحو أسبوع من الآن".



وفي شرق البلاد، حققت "قوات سورية الديموقراطية" (قسد) المزيد من التقدم على طريق السيطرة على مدينة الرقة، معقل تنظيم "داعش" في سورية. وذلك بعد إعلان متحدثين باسم هذه القوات عن قرب بدء المعركة النهائية على المدينة.

وبسطت "قسد" سيطرتها أخيراً على بلدتي المنصورة، وهنيدة، جنوب سد البعث، الذي كانت قد أعلنت منذ أيام، سيطرتها عليه بريف الرقة الغربي. وبثّت وسائل إعلامية تابعة لتلك القوات، تسجيلاً مصوراً يظهر فيه عناصر من "قسد" على جانب سد البعث.

ومع التقدم الذي أحرزته تلك القوات في الأيام الأخيرة، تكون قد وصلت إلى مشارف حي المشلب، شمال شرقي الرقة، وسيطرت على أجزاء واسعة منه، بعد سيطرتها على عشرات القرى المحيطة به كالصالحية والأسدية، إلى جانب معمل السكر ومجمع الأقطان.

وفي هذا الإطار، أفاد متحدثون باسم "قسد"، بأن "المعركة لن تكون سهلة في الرقة، لأن داعش لديه تحضيرات كبيرة جداً في المدينة، وهناك أنفاق وتلغيم ومفخخات وانتحاريون وبنفس الوقت يستعمل المدنيين كدروع بشرية".



بدوره، ذكر رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، لوسائل إعلام تركية، أن "معركة الرقة بدأت ليل 2 ـ 3 يونيو"، لافتاً إلى أن "الولايات المتحدة أعلمت تركيا مسبقاً بذلك". وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قد قال إن "بلاده سبق أن قدمت للولايات المتحدة خطة بديلة للسيطرة على مدينة الرقة من داعش، بدلاً من اعتمادها على المليشيات الكردية".

في غضون ذلك، سيطرت قوات النظام والمليشيات المساندة لها فجر أمس على مدينة مسكنة وقرى مسح الطرن والمحمودية بريف حلب الشرقي. ودارت اشتباكات بين قوات النظام و"داعش" بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي متبادل، فيما شن الطيران الحربي غارات جوية عدة، على مدينة مسكنة قُبيل اقتحامها. وأعلنت مصادر إعلامية تابعة لتنظيم "داعش" تدمير دبابة لقوات النظام، بالقرب من المزرعة السادسة، جنوب مدينة مسكنة، ومقتل طاقمها، إثر استهدافها بصاروخ حراري.

وتعد مدينة مسكنة آخر معاقل تنظيم "داعش" في حلب، وذلك عقب خسارته مناطق واسعة بالريف الشرقي لصالح قوات النظام والمليشيات المساندة لها، بإسناد من الطيران الروسي. ومع هذا التقدم لقوات النظام، تكون قد وصلت إلى أطراف الحدود الإدارية لمدينة الرقة، ومناطق نفوذ "قوات سورية الديموقراطية".

كما أعلنت مصادر تابعة لـ"داعش" مقتل 20 عنصراً من قوات النظام بتفجير عربة مفخخة في منطقة العباسية جنوب تدمر. وأضافت أن "اشتباكات دارت بين الطرفين، في محاولة من قوات النظام التقدم على مواقع التنظيم من ثلاثة محاور، بالتزامن مع قصف صاروخي ومدفعي متبادل".




ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة
النازح السوري محمد معرزيتان، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازح السوري محمد معرزيتان مرض التقزّم وويلات النزوح وضيق الحال، ويقف عاجزاً عن تأمين الضروريات لأسرته التي تعيش داخل مخيم عشوائي قرب قرية حربنوش
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.
المساهمون