وأعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، اليوم الخميس، أنّ سياسة إيران هي عدم الدخول في أي تفاوض مع الإدارة الأميركية في ضوء سياساتها الراهنة، كاشفاً أنّ "زيارات المسؤولين من دول مختلفة إلى إيران قد ازدادت، وغالبيتها تنوب عن أميركا، وبعض هذه الزيارات يتم الإعلان عنها وأخرى تبقى سرية".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني كيوان خسروي، وفقاً لما نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية، إنّه "بناء على السياسات المبدئية للجمهورية الإسلامية، تم إبلاغ الوفود (الزائرة) رسالة الاقتدار والمنطق والمقاومة والصمود للشعب الإيراني بدون أي استثناء".
وأضاف خسروي "أخبرناهم بشكل صريح بأنه ما لم يتغير السلوك ولم تؤمن حقوق الدولة (الإيرانية) ولم يتم الانتقال من التصريحات إلى خطوات عملية فسيكون هذا هو مسارنا، ولن يكون هناك أي تفاوض".
ويبدو أنّ تصريحات خسروي ليست موجهة للولايات المتحدة فحسب، بل إلى الأوروبيين أيضاً في ضوء تشديده على ضرورة الانتقال من التصريحات إلى خطوات عملية، قاصداً بذلك دعوة سابقة وجهتها بلاده للشركاء في الاتفاق النووي (الصين، روسيا، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا)، بصرورة اتخاذ "خطوات ملموسة" لإنقاذ الاتفاق.
وتصاعدت التوترات بين واشنطن وطهران، التي بدأت أخيراً تعيد النظر في التزاماتها تجاه الاتفاق النووي الموقّع في عام 2015، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده منه، منذ عام.
وسعت إدارة ترامب، منذ ذلك الحين، إلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية ضد إيران، متهمة إياها بدعم جماعات مسلحة، ومتابعة نشاطها في مجال الصواريخ الباليستية.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّفت واشنطن من حملتها "الضغط الأقصى" من خلال نشر مجموعة حاملة طائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" في المنطقة، رداً على مزاعم بأنّ إيران وحلفاءها يهددون بمهاجمة المصالح الأميركية.
ونفى محمود واعظي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الأربعاء، أن يكون الهدف من زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي لطهران، الإثنين الماضي، الوساطة بين بلاده والولايات المتحدة، قائلاً إنّ المسؤول العماني زار إيران لـ"التباحث بشأن قضايا ثنائية وتطورات إقليمية، لكن لم يُطرح أبداً موضوع الوساطة".
وأضاف أنّ "وزير الخارجية العماني التقى بظريف قبل أيام في طهران، ووزير الخارجية قدّم تقريراً بشأن الزيارة للحكومة".
كما نفى واعظي وصول وفد عراقي إلى إيران حتى اللحظة للوساطة بين طهران وواشنطن، موضحاً أنّ "العراقيين قالوا إنهم بصدد إيفاد وفدين إلى كل من إيران وأميركا، وهذا الوفد لم يصل إلى طهران بعد".
وشهدت الأيام الماضية تحركات دبلوماسية، تقوم بها أطراف إقليمية ودولية للوساطة بين إيران والولايات المتحدة، لنزع فتيل التصعيد بينهما، كانت أبرزها زيارة للرئيس السويسري أولي ماورر لواشنطن في الأسبوع الماضي، والذي تتولى بلاده رئاسة مكتب رعاية المصالح الأميركية في إيران.
بالإضافة إلى ذلك، تحدثت وسائل إعلام إقليمية وغربية خلال الأيام الأخيرة عن مساع عراقية وقطرية وعمانية للتوسط بين الطرفين بغية تخفيف حدة التوتر بين الجانبين.
وقال رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أمس الأربعاء، في تصريح لوكالة "إيلنا" الإصلاحية العمالية، إن بلاده لا تريد الحرب مع الولايات المتحدة "سواء بالوكالة أو بشكل مباشر".
وأعلن ترامب نفسه عن أنّه لا يريد حرباً مع إيران، ومثله فعل المرشد الإيراني علي خامنئي وغيره من كبار المسؤولين الإيرانيين، بينما رفض الجانبان حتى الآن إجراء محادثات، حيث دعا ترامب الزعماء الإيرانيين إلى الاتصال به أولاً، فيما رفض الإيرانيون أي دبلوماسية تحت الإكراه، ولا سيما مع البيت الأبيض الذي تخلّى بشكل أحادي عن اتفاق دولي سابق.
"الردع الدفاعي"
وفي الوقت عينه، هدّد رئيس الهيئة العامة للأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، اليوم الخميس، في رسالة نشرها بمناسبة "اليوم الوطني للمقاومة والانتصار" في التقويم الإيراني، بأنّ القوات المسلحة الإيرانية "ستقضي على أي معتد وطامع (في الأراضي الإيرانية) بكل عزم"، قائلاً إنّ "الظروف الجديدة في مواجهة النظام الطاغوتي الفرعوني الأميركي، تدعو جميع الإيرانيين إلى الجهاد واليقضة وإنتاج المزيد من القوة والاقتدار".
وأضاف باقري أنّ الولايات المتحدة الأميركية "أصبحت متخبطة وعاجزة أمام إرادة إيران الثورية"، واصفاً خطر الحرب على بلاده بـ"الوهم"، وقال إنّ واشنطن "تستغل قدراتها الإعلامية لتضخيم خطر الحرب الموهومة لضرب معنويات الشعب الإيراني وإرضاخ الدولة".
ورأى أنّ "سلسلة من الردود القوية" في إطار سياسة "الردع الدفاعي" من شأنها أن "تنهي عربدة العدو وهيبته الظاهرية لتعكس أيضا زوال قدرة أميركا وحلفاءها أكثر من قبل"، واصفاً القرارات الأخيرة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بأنّها "كانت البداية وأقل الخيارات".
وكان المجلس قد أعلن في 8 مايو/أيار، عن قرارات "مرحلية"، بموجبها تعلّق إيران تنفيذ تعهدات في الاتفاق النووي رداً على الضغوط الأميركية، وما تصفه طهران بـ"مماطلات" الشركاء الخمسة المتبقين في الاتفاق، بعدما صفّرت العقوبات الأميركية منافعها الاقتصادية من الاتفاق النووي.
وأعلنت طهران أنّها ستعلق بعض تعهداتها على مرحلتين، بدأت المرحلة الأولى الأربعاء الماضي، شملت رفع القيود عن إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة، على أن تبدأ المرحلة الثانية في حال لم يلب الشركاء المطالب الإيرانية في القطاعين النفطي والمصرفي خلال ستين يوماً لتخفيف آثار العقوبات الأميركية. وتشمل المرحلة الثانية، رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وتفعيل مفاعل آراك النووي.
والإثنين الماضي، أعلنت طهران أنّها بدأت، اعتباراً من هذا اليوم، بزيادة إنتاجها من اليورانيوم المخصب أربعة أضعاف، من دون رفع نسبة التخصيب أكثر من 3.67 في المائة، وهي النسبة التي حددها الاتفاق النووي المبرم مع المجموعة السداسية الدولية عام 2015.