وقالت المصادر إنه في الوقت الذي أبدت فيه الولايات المتحدة ترحيباً بالمبادرة المصرية، إلا أنها بدت غير جادة في إلزام تركيا بوقف إطلاق النار، مرجعة ذلك إلى الخشية من استمرار الوجود الروسي في شرق ليبيا.
وأوضحت المصادر أن الولايات المتحدة طالبت بإخلاء قاعدة الجفرة من المقاتلين والطائرات الروسية، وتقديم ضمانات كافية لمليشيات شرق ليبيا بقيادة حفتر بعدم وقف إنتاج البترول مجدداً، وعدم المساس بالآبار النفطية خلال أي صدامات، مقابل إلزام تركيا بوقف العملية العسكرية في سرت.
وكشفت المصادر أن طائرات مصرية قصفت تمركزات لحكومة الوفاق في محيط سرت، مساء الأربعاء الماضي، موضحة أن الضربة كانت بهدف تدمير وتعطيل منظومات دفاع جوي تركية كان من شأنها تغيير الوضع على الأرض في سرت خلال الأيام المقبلة، مؤكدة أن الضربة جاءت لمنح مجال للاتصالات الجارية لوقف إطلاق النار.
وتابعت المصادر أنه في حال تمكنت قوات الوفاق من نصب أنظمة دفاع جوي في محيط سرت، سيكون من الصعوبة تحجيم القوات البرّية، نظراً لاستحالة تحليق طيران شرق ليبيا بعد ذلك، ما سيعقد المشهد، ويعطّل الذهاب نحو المفاوضات ووقف إطلاق النار.
وأوضحت المصادر أن مصر تراهن على التوصل لصيغة وسط، في ظلّ خشية الولايات المتحدة أيضاً من وصول الرئيس التركي رجب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين لتفاهمات تتقاطع مع المصالح الأميركية، سواءً في ليبيا أو سورية، لذلك تتحرك بحذر شديد في الأزمة الليبية.
وكانت تركيا قد رفضت مبادرة مصر لوقف إطلاق النار، وقالت خارجيتها إن مسعى القاهرة لإيقاف إطلاق النار جاء لإنقاذ حفتر، وقد "مات في مهده". وتساءل وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو في تصريحات له عن سبب توجه حفتر الآن إلى مصر وإدلائه ببيان مشترك، مضيفاً أن الدعوة لوقف إطلاق النار هي خالصة لإنقاذ حفتر بعد فشله في انتزاع طرابلس "ولا يمكننا تصديقها". وتابع أن "حفتر تجنب توقيع اتفاقيات التسوية في موسكو وبرلين، بل على العكس زاد من عدوانيته ولم يقترب من التسوية رغم كل هذا الجهد". وقال الوزير التركي إنه إذا كان سيجرى التوقيع على وقف لإطلاق النار، فإنه ينبغي أن يكون عبر منصة تجمع كل الأطراف معاً. وأكد أن المبادرة باطلة بالنسبة لبلاده، مشدداً على أن أي مبادرة تسوية في ليبيا يجب أن تكون تحت رعاية الأمم المتحدة، وأن تركيا ستواصل إجراء محادثات مع كل الأطراف للتوصل إلى حل في ليبيا، لكن هذا الحل يتطلب موافقة الطرفين.
وأفاد جاووش أوغلو بأن الرئيسين التركي والأميركي عهدا إلى وزراء الخارجية والدفاع وقادة الاستخبارات والمستشارين الأمنيين في البلدين بحث الخطوات التي يمكن اتخاذها في ليبيا.
من جهة أخرى، أكّدت مصر والإمارات خلال اتصال لوزيري خارجية البلدين، سامح شكري وعبد الله بن زايد، ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والالتزام بالعملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة، تماشياً مع مسار مؤتمر برلين و"إعلان القاهرة"، إذ شدّدا على أن الحل السياسي "هو الحل الوحيد المقبول لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار الذي يلبي تطلعات الشعب الليبي الشقيق".