مرض كلينتون قد يغيّر معادلة الحملة الانتخابية الأميركية

12 سبتمبر 2016
الوعكة تهدّد بمضاعفات قد توقف حملتها الانتخابية (بريندان سميلوفسكي/Getty)
+ الخط -
الوعكة الصحية المفاجئة التي ألمّت، أمس الأحد، بالمرشحة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، كان لها وقع الهزة على حزبها ومناصريها؛ فقد تسبّبت بصدمة مقلقة لفريقها، وتركت الساحة الانتخابية في حالة من الترقب المفتوح على احتمالات لا يستبعد أن يكون أحدها إعادةُ النظر في موضوع الترشيح. 


طبيعة المرض، في ضوء سجلّها الصحي، وتقدّم سنّها؛ تهدّد بمضاعفات لو تفاقمت من شأنها أن توقف عجلات حملتها الانتخابية. الأسوأ والأخطر، بالنسبة لحملتها الانتخابية ولحزبها، هو توقيت الوعكة، فقد أصيبت بالالتهاب الرئوي قبل 58 يوماً من موعد الاستحقاق الرئاسي.


حسب التقديرات الطبية، تحتاج كلينتون بين أسبوع وشهر للتعافي التام واستئناف نشاطها. لا خوف من ناحية العلاج، لكن ما يثير التخوف لدى فريقها هما أمران: أن تطول فترة الاستشفاء وتتسبب بمضاعفات صحية؛ وأن الوقت الثمين المتبقي من الحملة لا يحتمل هذه المدة، كما لا يجوز المجازفة بعودتها إلى يوميات الحملة قبل الشفاء التام، خوفاً من الانتكاس المكلف، فالجولات الانتخابية مرهقة، وقد مضى عليها أكثر من سنة، والباقي منها أكثر إرهاقاً بحكم ما تتطلّبه مراحل السباق الأخيرة من توظيف أقصى الطاقات لدى المرشح.


وسبق أن عانت كلينتون من تجلط في الدم في ساقيها وجمجمتها بين 1998 و2012. يضاف إلى ذلك أنها في سنّ متقدمة (68 عاماً) تزداد معها الخشية من مضاعفات قد يؤدي إليها مثل هذا الالتهاب.


عطفاً على ذلك، ازدادت الشكوك والمخاوف، أيضاً، في ظلّ حرصها الدائم، هي وعائلتها، على إحاطة وضعها الصحي بالكتمان الشديد، مما عزز الريبة أن في الأمر ما يدعو إلى التستر عليه، ناهيك عن أنّ أهليّة الرئيس الصحيّة تمثّل أحد الجوانب الحيويّة في مواصفاته، فقد درجت العادة على أن يقدم المرشّح كشوفات صحية خلال حملته، ليشيع الاطمئنان أنه قادر على تحمل مشقات المنصب.

الآن، وبعد أن توقفت حملتها حتى إشعار آخر، قد يتراوح بين ثلاثة أيام وأسبوع إذا ما سار العلاج دون مشاكل؛ يبقى السؤال المطروح هو إلى أيّ مدى يمكن أن تؤثّر هذه الصدمة على حملتها؟


مصدر القلق الرئيسي يكمن في أن وضعها في الحملة الانتخابية مترنّح في الآونة الأخيرة. صحيح أنها متقدمة في الساحة العامة على ترامب؛ لكن ليس بالقدر المتوقع. مؤشّر مقبوليتها لدى الناخب هابط، وفي أحسن أحواله متعثر. نكستها الصحية قد تزيد من صعوباتها، وهذا مبعث القلق في صفوف حزبها، كما أنّ ابتعاد قيادات فريقها عن الأضواء، منذ أمس، أوحى بوجود حراك ومشاورات وراء الكواليس لاستعراض مختلف السيناريوات المتاحة والمحتملة.


في ضوء ذلك، لعلّ أكثر ما يشغل حزبها ومرجعياته في هذه اللحظة، هو عدم ترك الساحة خالية لخصمها الجمهوري، دونالد ترامب، الذي لا بد وأنه سيعمل بأقصى طاقاته لتوظيف هذا التطور لمصلحته. لاسيما وأنه سبق له وحذر من أن كلينتون تفتقر للقدرة الجسدية اللازمة للنهوض بأعباء الرئاسة، وقد جاء مرضها ليساعده في تسويق دعايته.


وقد يكون من ضمن السيناريوات المتاحة تحضيرُ البدائل لو اقتضى الأمر، وهذه مسألة حساسة قد تثير خلافات حزبية تؤثر على مجرى المعركة، إذا لم يتمكن الحزب من تطويقها وبسرعة، فالارتباك الآن قاتل، والوقت هو العنصر الهام والحاسم.


في المحصّلة، يظلّ التحدي الذي يواجهه الديمقراطيون يكمن في قدرتهم على استيعاب الصدمة وتجاوزها، من دون تبديد الوقت، وبأقل الخسائر السياسية، خاصة إذا لم تسترجع كلينتون عافيتها ونشاطها المطمئن في وقت قريب خلال هذا الأسبوع. عندئذ لا بدّ وأن يُصار إلى تسويق البديل، الذي قد يكون نائب الرئيس، جو بايدن، على الأرجح. قد يبدو هذا الأمر، الآن، سابقاً لأوانه، لكن لا يمكن القول إنّه غير وارد.


المساهمون