وبعد ساعات قليلة من إصدار القضاء العراقي، اليوم الأربعاء، حكماً بالإعدام بحق فرنسيين أحدهما من أصل مغربي والأخر من أصل تونسي جرى نقلهما من سورية إلى العراق، حيث كانا محتجزين إلى جانب آخرين بيد مليشيات قوات سورية الديموقراطية (قسد) عقب حكم جماعي بالإعدام بحق ثلاثة آخرين الأحد الماضي؛ أعلن مجلس القضاء الأعلى، في بيان، أنه أصدر حكماً بإعدام فرنسي آخر ينتمي لتنظيم "داعش".
وعلم "العربي الجديد"، من مصادر قضائية في بغداد، أن دفعة أخرى من المقاتلين الغربيين تنتظرهم محاكمات مماثلة خلال الأيام المقبلة، بينهم جنسيات ألمانية وبريطانية وفرنسية وروسية وتركية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن جميع الأحكام التي نطقها القضاء بالأيام الماضية ستنفذ بعد مصادقة رئيس الجمهورية وذلك بعد 30 يوماً من تاريخ صدورها، كما جرى إبلاغ السفارة الفرنسية بالأحكام رسمياً، مؤكدة أن الأخيرة لم تمارس أي ضغوط أو تسعى لاستئناف الأحكام الصادرة لكن هناك محاولات من قبل ذوي بعض المدانين لاستئناف الحكم.
200 سجين أجنبي في العراق
كذلك كشفت المصادر عن وجود أكثر من 200 سجين أجنبي في العراق سيتم عرض أوراقهم على المحكمة الجنائية المختصة بشكل متوال هذا العام بينهم من تم اعتقاله داخل العراق وآخرون تم تسليمهم من مليشيات "قسد".
من جهته، دعا عضو التيار المدني العراقي، ليث نعمة، في حديث لـ"العربي الجديد"، الحكومة إلى "توضيح سبب محاكمة إرهابيين او متهمين اعتقلوا خارج حدود الدولة في بغداد"، لافتاً إلى أن "المعلومات التي تصلهم هي أن تلك المحاكمات تتم لأشخاص اعتقلوا خارج العراق لكن جرى التنسيق مع دولهم أن تكون محاكمتهم وحكمهم في العراق كونهم لا يرغبون بهم".
ورأى نعمة أن "ملفهم فيه كثير من الغموض ويحتاج لشرح من الحكومة كونه ملفا يتعلق بتنظيم أراق دماء العراقيين"، على حد تعبيره.
وفي الوقت الذي يحث القضاء العراقي الخطى لمحاكمة الأجانب فإن آلاف العراقيين المتهمين أيضاً بالانتماء لتنظيم "داعش" ما زالوا ينتظرون حسم ملفاتهم رغم مرور فترات طويلة من الزمن على احتجازهم تصل إلى 3 سنوات في معسكرات ومعتقلات بعضها مؤقتة تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية.
ويعزو مسؤولون في مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل تأخر حسم ملفاتهم إلى تكدس الملفات وازدحام المحاكم وقلة الكوادر القضائية وهو ما لم يجده المعتقلون الأجانب بطبيعة الحال ما دفع مراقبين ومواطنين إلى اعتبار أن المحاكمات السريعة للأجانب تحمل بعدا سياسيا أكثر من كونه قضائيا.
ووفقاً لعضو نقابة المحاميين العراقية رياض عبد الحسن النايل، فإن "العراق على ما يبدو حصل على ضوء أخضر من حكومات تلك الدول بمحاكمة مواطنيها المتهمين بالإرهاب وحسم ملفهم داخل العراق فهو يشكل مصدر ازعاج لهم وضغط داخلي في دولهم". وأضاف "هناك على الأغلب اتفاق سياسي عجل بهذه المحاكمات وأحكام الإعدام تعني إغلاق ملفهم بالنسبة لدولهم خاصة أن أغلبهم مواطنون مكتسبو الجنسية".
وأثار ملف محاكمة الأجانب في المحاكم العراقية جدلاً قانونياً، في وقت تتكتّم السلطات القضائية بشكل كامل عن أي معلومات عنها، في حين طالبت جهات مختصة بأن تكون هناك شفافية بإصدار الأحكام.
ورأى الخبير القانوني العراقي، معتز الفلاحي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "آلية محاكمتهم تؤكد خضوع الملف إلى بعد سياسي وليس قانونيا أو قضائيا بحت"، موضحاً أن "قسما منهم معلوم قانونياً أنّه لا يمكن تنفيذ تلك الأحكام إلّا بعد ثبوت الأدلة بتنفيذ المدانين جرائم داخل العراق، إلّا أنّ موقف القضاء العراقي مثير للاستغراب، خصوصاً مع التكتم على تلك الأحكام وعدم إصدار أي توضيح".
وشدّد على أن "القضاء العراقي مطالب بتوضيح تلك المحاكم رسمياً، وأن يتعامل بشفافية معها، ضماناً لحقه القانوني وإثباتاً على أنّه لم يخالف القانون في تلك الأحكام". ولم تنفذ المحاكم العراقية أي حكم بالإعدام، كما أنّها لم تحدد موعداً لذلك.