وزير التجارة التونسي لـ "العربي الجديد": التهريب يرهق اقتصادنا

21 مارس 2016
وزير التجارة التونسي محسن حسن (العربي الجديد)
+ الخط -
أعلن وزير التجارة التونسي محسن حسن في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن 80% من ميزانية الدعم في تونس، وهي بحدود 1.6 مليار دينار، يذهب إلى غير مستحقيه، في حين يسيطر التهريب على أكثر من 50% من المبادلات التجارية في البلاد
وهنا نص المقابلة:

1-كيف تقيمون وضعية الميزان التجاري في تونس اليوم؟
يعتبر ارتفاع العجز في الميزان التجاري التونسي من أكبر الإشكاليات التي يعانيها الاقتصاد الوطني، وذلك بفعل استمرار ارتفاع حجم الواردات وقيمتها بالمقارنة مع الصادرات، بالإضافة إلى أن موارد الدولة المتأتية من القطاع السياحي والصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة لم تنم بالقدر المطلوب مما أدى إلى التأثير سلباً على ميزان المدفوعات في تونس.
لكن مع ذلك فقد عرف الميزان التجاري تحسناً نسبياً حيث تراجع العجز إلى 24,2 % نتيجة تقلص الواردات بقيمة 18% بنسق أسرع من الصادرات التي تراجعت بحدود 9.5%. ومن بين أهم أسباب تراجع الواردات تقلص واردات النفط من حيث القيمة نتيجة انخفاض الأسعار على المستوى العالمي، وتراجع الاستهلاك المحلي النفطي بسبب العوامل المناخية الاستثنائية التي عرفتها البلاد.
في الوقت ذاته، سجلنا تراجعاً جزئياً في قيمة الصادرات من حيث تراجع المنتوجات الفلاحية والصناعات الغذائية وانحسار تصديرها إلى السوق الليبية. إضافة إلى تراجع صادرات الطاقة نتيجة نقص العقود الاستكشافية في النفط وتراجع الإنتاج النفطي إلى مستوى متدن.

2-فيما يتعلق بميزانية وزارة التجارة الموجهة للدعم، ما هو حجمها؟
الميزانية المبرمجة للدعم في 2016 في حدود 1.6 مليار دينار، والدولة التونسية تعتمد في سياستها الأخذ بيد ضعاف الحال من خلال دعم المواد الأساسية خصوصا المواد الغذائية، وكذا المحروقات التي لا يزال دعمها يشكل قسطاً هاماً من ميزانية الدولة. فسياسة الدولة تقوم على المزيد من الإحاطة بالشرائح الاجتماعية والجهد متواصل في هذا الإطار، والمواد المدعمة لم تعرف ارتفاعاً في أسعارها. وهذا لا يعني أن الدولة ليست واعية للمخاطر الموجودة على مستوى منظومة الدعم، حيث إن قسطاً كبيراً من نفقات الدعم يوجه إلى غير مستحقيه، لا بل تصل النسبة إلى أكثر من 80% من فاتورة الدعم، وهذا خطأ قديم لا بد من معالجته في الفترة المقبلة.

3-ما هي استراتيجية وزارتكم لمواجهة ظاهرة التهريب؟
التهريب من بين المشكلات الكبيرة التي تعانيها بلادنا، إذ إن أكثر من 50% من المبادلات التجارية تتم خارج الأطر المنظمة، وهذا يشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد التونسي ونقطة ضعف لا بد من تداركها، بسبب تأثيرها على موارد الدولة الجبائية التي تضررت بما يزيد عن 1.2 مليار دينار. وأيضاً يوجد تأثيرات اجتماعية خاصة من ناحية الانقطاع عن التعليم وكذلك تأثيرات سياسية.

هذه الظاهرة في صلب اهتمام الدولة التونسية، ومن آليات المعالجة، تبرز الإجراءات الأمنية والعسكرية في نقاط العبور وكامل تراب الجمهورية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدولة بذلت مجهوداً لمراقبة الحدود والحد من التهريب والتجارة الموازية. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على وضع سياسة تنموية في المناطق الحدودية. وأعلنت وزارة التجارة منذ فترة عن استثمارات كبيرة في مناطق لوجستية وحرة في المناطق الحدودية مع الجزائر وليبيا لتطوير هذه المناطق اقتصادياً ودفع الاستثمارات، وبالتالي تقليص التبعية للتجارة الموازية.
وبين الحلول أيضاً تخفيض المعاليم الديوانية (الرسوم) على المنتجات الموردة قانونياً حتى يكون سعرها في نقاط البيع قريبا من سعر المواد المهربة في السوق الموازية، هذه بعض الحلول المعتمدة من قبل الدولة التونسية. هذا وقمنا بتكوين لجنة وطنية تشرف عليها وزارة التجارة تتمثل فيها مختلف الهيكليات والوزارات الحكومية المعنية لوضع استراتيجية وطنية لمحاربة ظاهرة التهريب.

4-دعوتم المهربين الصغار للانخراط في المنظومة الاقتصادية، كيف سيكون ذلك؟
الهدف من هذه الدعوة الابتعاد عن التجارة الموازية والانخراط في الاقتصاد المنظم، ودورنا أيضاً يتمثل في تشجيع من يريد أن يستثمر في القطاعات المنظمة بعد تصفية وضعيته الجبائية والقضائية.

5-أعلنتم عن إجراءات مرتبطة بتشجيع الصادرات، هل برأيكم ستنجح؟ وما تأثيرها ذلك على الاقتصاد الوطني؟
التصدير هو المحرك الأساس في اقتصادنا ونعمل من أجل دعمه وتطوير دوره في خلق النمو والثروات. ويوجد العديد من الإجراءات المتخذة، منها تبسيط الإجراءات الإدارية للمصدرين. ونذكر أنه تم تكوين لجنة لتقليص عدد المواد التي تخضع إلى المراقبة الفنية عند التصدير، كما أنه إلى حد الآن هناك مجهود كبير تقوم به وزارة التجارة بالتعاون مع وزارة النقل وبدعم من البنك الدولي في إطار برنامج رفع الصادرات لتطوير النقل الجوي وتطوير الخدمات في ميناء رادس التجاري. وكذلك نعمل على تحسين الإجراءات الديوانية، بهدف تطوير المناخ العام للاستثمار.

كما تم اعتماد عدة حلول للتسريع في معالجة الملفات المتعلقة بالدعم والإحاطة أكثر بالمصدرين وتكثيف التعاون والمشاركة بالمعارض.

6-ماذا عن التنويع في الأسواق المستهدفة؟ هل من اتجاه للقيام بهذا الموضوع؟
نعم، فقد تم إعداد دراسة متكاملة سيتم تقديمها إلى الحكومة لتفعيل الدبلوماسية التجارية لتونس من خلال إيجاد قنصل تجاري لتمثيل كل المصالح الاقتصادية التونسية في الخارج. وكذلك تقدمت الوزارة بطلب الانضمام بصفة رسمية إلى تكتلات اقتصادية أفريقية مهمة في المنطقة، مما يساهم بدعم الشراكة مع أفريقيا. ودخلنا بمفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوراسي، الذي يضم كلا من روسيا وأرمينيا وكازاخستان وأذربيجان وهي دول لها أهمية كبيرة تساهم في دفع الصادرات. دون أن ننسى المساعي للمزيد من تعميق العلاقة التجارية وتطوير الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وهناك مفاوضات للانضمام للجنة الاقتصادية لأفريقيا (إيكا)، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اتفاقية التبادل التجاري مع أميركا. وهناك رغبة لتدعيم الشراكة مع الدول العربية وخاصة منها دول الخليج على غرار قطر والسعودية والإمارات وغيرها من الدول. والوزارة ستعمل على دفع الشراكة مع دول الخليج والدول العربية الأخرى من مصر والجزائر والعراق وغيرها.

7-هل يأتي ذلك للتعويض عن فقدان السوق الليبية؟
ليس تعويضاً تماماً، وإنما تنويع لاتفاقيات الشراكة والنفاذ إلى الأسواق العربية المختلفة.

8-المخالفات الاقتصادية ترتفع بشكل كبير في السوق التونسية، ما السبب برأيك؟
وزارة التجارة هدفها التحقق من انتظام التزويد والتحكم بالأسعار، وهذا في الحقيقة من شأنه أن يدفعنا إلى تكثيف المراقبة الاقتصادية، وهناك كشف للعديد من المخالفات الاقتصادية، وعدد المحاضر ارتفع سواء في الذبح العشوائي أو عدم إشهار الأسعار وغيره، ونقوم بحملات وطنية في هذا الإطار، ولكن لا ينبغي أن ننسى ضعف الإمكانات في تحقيق ذلك.

9-هل تجدون في التشريعات الحالية مجالاً مريحاً لتنفيذ سياسة وزارتكم الرقابية؟
بالنسبة إلى التشريعات، يوجد قانون المنافسة والأسعار سيحسن من تطوير منظومة مراقبة السوق، ويوجد تشريعات السلامة واستحداث هيئة لمراقبة المخاطر وهيئات أخرى لتقييمها والإعلان عنها في مجال الأغذية والمنتوجات الصناعية.
كما نعمل على تدعيم إمكانات وقدرات الهياكل والأجهزة المتداخلة في مراقبة السوق على المستويين المركزي والجهوي، مع تطوير منظومة المعلومات حول القطاع التجاري وحركته.

اقرأ أيضاً:شوقي الطبيب: 9000 ملف فساد اقتصادي في تونس بعد2011
المساهمون