المصالح النفطية الأجنبية لاعب أساسي في ليبيا

09 مارس 2015
الحقول النفطية في يد العنصر الأجنبي (فرانس برس)
+ الخط -
يعتبر النفط في ليبيا المصدر الرئيسي للدخل والإيرادات العامة في البلاد. فبعد سقوط حكم القذافي شهدت ليبيا تصعيداً مستمراً في الصراع ‏القائم بين أطراف سياسية داخلية، حيث يسعى كل طرف وبكل الوسائل لإضعاف الطرف الآخر والاستحواذ على ‏أكبر قدر من السلطة والمكاسب السياسية والجهوية... لكن وعلى الرغم من أن بين الأطراف هذه، يوجد محرك أساسي للعبة النفطية في ليبيا... إنها الشركات الأجنبية. 

خارج القنوات
فقد طال الصراع الحربي ثروة ليبيا، حيث تم إغلاق بعض منشآت النفط منذ منتصف عام 2013، من كتائب مسلحة ‏يخضع بعضها لتيارات سياسية وجهوية. هذا الإغلاق كلف خزينة الدولة مئات الملايين من ‏الدولارات وذلك لعدم القدرة على تصدير النفط من عدد من الموانئ، خصوصاً مع عدم وجود عدادات تحسب كمية ‏النفط المصدر لأي دولة.‏.. بذا، تراجع الإنتاج النفطي الوطني الى ‏‏400 ألف برميل في اليوم، وفق آخر تصريح صادر عن مؤسسة النفط الليبية، بعدما كان 1,5 مليون برميل‎. كما أعلن مدير إدارة الأسواق المالية في مصرف ليبيا المركزي مصباح العكاري، في تصريح نهاية العام الماضي، أن إيرادات البلاد تراجعت 30 مليار دولار.
وعلى ضفاف الإشكالات القائمة، وفي ظل اعتبار النفط ثروة قيّمة، تكثر التساؤلات حول الفساد الحاصل في القطاع، وحول تصدير النفط من خارج القنوات الرسمية، والإفادة من الإيرادات لتمويل بعض المليشيات، وبعض الأجندات السياسية.
وتبرز في هذا الإطار، حادثة الناقلة "مورنينغ غلوري" الشهيرة التي أعلنت في منتصف العام الماضي، المتعلقة بمحاولات بيع النفط من ميناء سدر عبر هذه الناقلة، من مليشيات تطالب بالحكم الذاتي وبحصة من النفط، وقد لجأت الحكومة إلى القوات الأميركية لإعادة الحمولة إلى ليبيا. إلا أن هذه القضية، طرحت العديد من علامات الاستفهام حول مصير النفط في المستقبل، وخصوصاً مع ازدياد هشاشة السلطة المركزية، وارتفاع نفوذ الجماعات المسلحة.
الباحث والمحلل الليبي، الدكتور إسلام الحاجي، يرى في حديث مع "العربي الجديد" أن هناك الكثير من المعلومات التي تؤكد عدم ‏بيع النفط الليبي خارج المؤسسة الوطنية للنفط. ويشرح أن "غالبية الشركات النفطية الأجنبية العاملة في ليبيا، ترتبط بعقود شراكة مع السلطة، وأي عملية تصدير للنفط لن تمر من دون علمها. كما أن بيع النفط من خارج الأطر الرسمية يلحق الكثير من الأضرار بهذه الشركات".
ويضيف الحاجي "حتى النفط الذي تم بيعه في السوق السوداء في الماضي لا يتم إلا بعلم الشركات النفطية العاملة في ليبيا، وأحياناً يكون لها حصة من هذه الصفقات". ويشدد على أن "محاولة بيع النفط العام الماضي عبر ناقلة "مورنينغ غلوري" وما ترتب من إجراءات لمنع تلك الصفقة، كان نتيجة ‏ضغط قامت به شركة "ايني" الإيطالية لإيقاف الصفقة، وتم تحويلها إلى مشكلة سياسية اقتصادية".

تهريب المشتقات
ويقول الحاجي إن "ما يهرب فعلاً من داخل ليبيا هو مشتقات ‏النفط التي تقوم ليبيا باستيرادها مثل البنزيين والكيروسيين والزيوت ..الخ. والكميات المهربة كبيرة ومقصدها عدد من الدول المجاورة، ومنها السودان وتشاد والنيجر وتونس ومصر. وتؤدي عمليات التهريب هذه الى استنزاف الاقتصاد الليبي داخلياً، وارتفاع الأسعار وتضييق المعيشة على ‏المواطنين".‏
‏بذا، يمكن القول، إن أحد اللاعبين الرئسيين في المشهد الليبي هي شركات النفط الأجنبية، التي تشارك السلطات في إفادتها من الثروة النفطية.‏
من جهته، يعتبر الخبير المصرفي، محمد يونس الورفلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الشركات النفطية الأجنبية تحتكر التقنيات الأساسية، كما لديها موارد مالية هائلة، حيث تنحصر الشركات النفطية الكبرى في أوروبا مثلاً في أربع شركات، وسبع شركات في أميركا، إضافة الى الشركات الروسية والصينية. ويشرح أن هذا الواقع يحتم على الدول النفطية الاستعانة بهذه الشركات في العمليات النفطية "وباختصار، لا استكشاف أو تطوير أو تصدير للنفط والغاز إلا بوجود هذا الشريك والقبول بهذه الهيمنة شاءت الدول أم أبت، وهذه الشركات لن تسمح لغيرها في الدخول الى هذه السوق".
ومن هنا، يشدد الورفلي على أن لا إمكانية لبيع النفط الليبي من خارج حلقة هذه الشركات، فموضوع الطاقة بالنسبة إلى الأخيرة موضوع أساسي واستراتيجي، وتحكمها في القطاع لا فكاك منه في المستقبل المنظور، ومصالحها ترتبط باستمرارية النشاط النفطي وتوسعه، لا العكس.

إقرأ أيضاً: ظهر الفساد وعشَّش في اقتصادنا
المساهمون