سعر النفط يتخبّط وسط الحروب والركود والاستثمارات الجديدة

22 يوليو 2016
الكثير من العوامل تؤثر على الأسعار(إيثان أبراموفوتش/ فرانس برس)
+ الخط -
بلغ سعر النفط، مؤخراً، أدنى مستوياته في شهرين بتداول خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت في حدود 45 و46 دولاراً للبرميل، على التوالي. في الواقع، هناك العديد من العوامل التي تقود أسعار النفط وتحدد اتجاهه في الوقت الحالي.

فقد بدأت الضغوط تشتد على أسعار النفط عقب صدور بيانات "إدارة معلومات الطاقة" الأميركية، حين أظهرت تراجعاً أقل من توقعات المحللين في ما يتعلق بالمخزونات الأميركية الأسبوعية من النفط الخام وبمقدار 2.1 مليون برميل. جاءت هذه البيانات لتعكس الأثر الإيجابي لبيانات "معهد البترول الأميركي"، والتي توقعت تراجع مخزونات النفط الأميركية بأكثر من ستة ملايين برميل خلال نفس الفترة.

ووفقاً لأحدث البيانات النفطية لمؤسسة "إدارة معلومات الطاقة"، فقد كان هناك انخفاض كبير في إنتاج النفط في الولايات المتحدة ليبلغ نحو 8.5 ملايين برميل يومياً بنهاية الشهر الماضي.
إذا كان هذا الرقم دقيقاً، فإن ذلك يعني أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام قد انخفض بمقدار 1.3 مليون برميل يومياً، بالمقارنة مع ذروته في شهر أبريل/ نيسان من عام 2015.
ورغم أن الأرقام الأخيرة تشير بوضوح إلى تراجع إنتاج النفط الأميركي، إلا أن ذلك قد لا يستمر طويلاً حيث أظهرت البيانات الأخيرة الصادرة عن شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية، والتي يُنظر إليها بوصفها أداة لقياس نشاط القطاع النفطي، ارتفاعاً جديداً لعدد حفارات النفط قيد التشغيل في الولايات المتحدة بمقدار 10 حفارات، ليبلغ إجمالي عدد الحفارات القائمة 351 حفارة.

ولا بد من الإشارة، هنا، إلى أن عدد الحفارات قد ارتفع بواقع خمس مرات خلال الأسابيع الستة الماضية، ما يشير إلى أن إنتاج الولايات المتحدة قد يبدأ بالتحسن التدريجي، واضعاً بذلك المزيد من الضغوط على أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، وهذا بالضبط ما يحدث الآن.
على الجانب الجيوسياسي، فإن الارتباك والغموض ما زالا يسيطران على أسواق النفط عندما يتعلق الأمر بالأزمة في نيجيريا. فمن جهة، يدعي وزير النفط النيجيري أن إنتاج بلاده من النفط قد ارتفع من 1.3 مليون إلى 1.8 مليون برميل يومياً. ومن جهة أخرى، فإن جماعة "منتقمو دلتا النيجر" المتشددة لا تكف عن مهاجمة البنى التحتية وخطوط أنابيب النفط الرئيسية في نيجيريا، بما في ذلك الهجوم الأخير على نظام خط الأنابيب الذي تديره شركة "شيفرون" الأميركية، على الرغم من توقيعها اتفاقية وقف إطلاق النار مع الحكومة النيجيرية. مع ذلك، كان هناك أخبار جيدة أعلنت عنها شركة "رويال داتش شل" بعد قيامها برفع حالة "القوة القاهرة" على صادراتها من خام "بوني" الخفيف.

عملياً، قد تساعد التطورات الإيجابية في نيجيريا في رفع صادراتها من النفط خلال الفترة المقبلة، لكن حجم الخسائر المادية والاقتصادية الناجمة عن هجمات المتشددين لا يمكن حصرها بالناحية الكمية فقط.
وعلى جانب الطلب العالمي على النفط، فقد انخفضت واردات النفط الخام في آسيا بمقدار 21 مليون برميل يومياً، وهو أقل قليلاً من مستويات العام الماضي،
حيث يعتقد كثير من المحللين أن تراجع نمو الطلب على النفط في آسيا يعود أساساً إلى التباطؤ الاقتصادي الحاصل في الصين تحديداً.

في الواقع، تعتقد بعض شركات الأبحاث والخدمات المالية، مثل "جي بي مورغان" الأميركية، أن الصين باتت قريبة جداً من ملء احتياطاتها الاستراتيجية من النفط، والتي تقدر بنحو 405 ملايين برميل، وقد أكد تقرير "أوبك" الأخير التباطؤ الحاصل، بعدما أشار إلى أن مخزونات النفط الخام التجارية في الصين شهدت "تراجعاً طفيفاً" في الأشهر الأخيرة.
بالنظر إلى جميع العوامل الأساسية المذكورة، من الواضح أن النفط أصبح مدفوعاً، في الفترة الحالية، بالمشاعر السلبية المتصلة بضعف الطلب الآسيوي على النفط، بقيادة الصين، رغم أن هذه النظرة قد تتغير، والطلب على النفط في آسيا قد يزداد عندما تنتهي المصافي من أنشطة الصيانة الخاصة بها.
وإلى جانب ضعف الطلب في الصين، فإن ارتفاع عدد حفارات النفط واستمرار تخمة البنزين في الولايات المتحدة، والتعافي التدريجي لإنتاج نيجيريا من النفط الخام هي من العوامل الأخرى القادرة على وضع المزيد من الضغوط على أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
(خبير اقتصادي أردني)
المساهمون