مساعدات وهمية تغزو موريتانيا بميزانيات ضخمة

04 مايو 2015
لم تساهم المساعدات في انتشال الموريتانيين من براثن الفقر(Getty)
+ الخط -
رغم الوجود الكثيف لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية فى موريتانيا، لم تتمكن هذه المنظمات من التغلب ‏على مشاكل ضعف التنمية وغياب الخدمات الصحية والتعليمية، وذلك بسبب الاختلالات العميقة، التي تعاني منها ‏هذه المنظمات ونتيجة لانتشار الفساد وغياب الشفافية وضعف الرقابة الحكومية.‏

فتش عن الفساد
وقد شكلت ظاهرة منح تراخيص المنظمات الأهلية أولى تجليات الفساد وحالة الفوضى، التي تطبع هذا القطاع، فقد تساهلت الدولة في منح التراخيص، بحيث تكاثرت بشكل مهول، دون أن يكون لهذا التكاثر أثر أو نتيجة. فأصحاب هذه التراخيص يستخدمونها من أجل استجلاب التمويلات أو الحصول على المناقصات في الدوائر والوزارات، وذلك بالتواطؤ مع بعض المسؤولين والنافذين.

في عام 2006، وفي محاولة لمواجهة فوضى تراخيص الجمعيات المدنية، أنشأت الحكومة المورتيانية "مرصداً" يجمع كافة منظمات المجتمع المدني، غير أن التجربة لم يكتب لها النجاح، وبقيت هذه المنظمات تجمع الأموال وتنفقها دون رقابة وذلك تحت عنوان تحقيق التنمية لنمو جيوب مسؤولي هذه المنظمات فقط.

يقول رئيس منظمة الإرادة للتنمية، الهادي ولد المنير، لـ "العربي الجديد": "تعمل المنظمات في وضع صعب مليء بالعراقيل، الأمر الذي أدى إلى فشل دورها في تحقيق التنمية". ويشير إلى أن "الفساد، وغياب الرؤية، وضعف مؤهلات وقدرات الطواقم العاملة، وغياب قوانين واضحة، ساهم في فشل عملها". ويضيف أن "أبرز مظاهر الفساد داخل هذه المنظمات يتجلى في الأنشطة الوهمية، وزيادة قيمة تكاليف المشاريع عن القيمة الفعلية، فضلا عن اقتطاع جزء من مخصصات المشاريع والأنشطة دون وجه حق".

ويتابع: "أن للمنظمات دوراً كبيراً في المساهمة في تقليص الفقر، لكن معظم مشاريعها مؤقتة، كما أنها تركز على مشاريع الماء والصحة والغذاء، أكثر مما تركز على المشاريع الإنمائية التي تستثمر في الإنسان ومقدراته".

وسيلة لتبيض الأموال
أما الخبير الاقتصادي، الهيبة ولد الشيخ سيداتي، فيقول لـ "العربي الجديد": إن "أبرز مظاهر الفساد داخل المنظمات التابعة للمجتمع المدني، غياب الشفافية، فكل جمعيات المجتمع المدني لا تنشر تقارير عن إنفاقها ولا ومصادر تمويلها". ويضيف: "يستخدم المسؤولون تمويل جمعيات المجتمع المدني لتبييض الأموال، وهو ما كشفته تقارير المفتشة العامة، ففي كل مرة يظهر التفتيش أن هذا المسؤول، أو ذلك، يلجأ إلى هيئات المجتمع المدني لتبرير فساده وإنفاقه الوهمي، وأبرز مثال على ذلك هو تقرير مفتشية الدولة عام 2010 ، الذي أشار إلى حالات فساد في وزراة المجتمع المدني وأن حوالى 80 مليون أوقية صرفت باسم جمعية وهمية لا وجود لها".

ويبين ولد الشيخ سيداتي أن الميزانية السنوية لفرع منظمة الرؤية العالمية في موريتانيا (مليون يورو) تفوق كل الإنفاق العمومي المخصص للفقراء في وزارة حقوق الإنسان، وتذهب أغلب هذه الأموال في ميزانيات تسييرية لا مردودية لها على طبيعة عملها ولا أثر لها على الواقع التنموي".

ويضيف أن "أكثر مظاهر الفساد تبرز في شهر ديسمبر/ كانون الأول، حيث يسمى شهر التكوين والفنادق لأن معظم منظمات المجتمع المدني تنفق كثيراً على الورشات التكونية الوهمية والأنشطة المماثلة، مما يوفر لها تبريراً للإنفاق الهائل، كما يتم التلاعب بالفواتير بالاتفاق مع بعض الفنادق، وهكذا تصرف أموال طائلة فى أنشطة وهمية ولا مردودية لها". ويؤكد على أنه مع ذلك توجد جمعيات حقيقية فاعلة، ولكنها قليلة جداً، بل إنها تشكل "استثناءً يؤكد ‏القاعدة ولا يلغيها"‏.

إقرأ أيضا: الهجرة تغري العرب بتحسين أوضاعهم
دلالات
المساهمون