فقد الثلاثيني السوري سعد عوض المحيميد أرضه الزراعية، بعدما استولت عليها قوات النظام التي سيطرت على قريته الحمرا، الواقعة شرقي مدينة حماة، والتي نزح منها قبيل "معركة السكّة الحديد"، التي شنّتها قوات النظام في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، بالتعاون مع سلاح الجو الروسي، وطاولت ريف حماة الشرقي وريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى نزوح 367 ألف و541 نسمة، وفقًا لما وثقته منظّمة "منسّقو الاستجابة" الإغاثية.
عقب النزوح استقدمت قوات النظام مليشيات من القرى المجاورة، ومنحتها الأراضي الزراعية المملوكة للأهالي، ونهبت ثمارها وأعادت زراعتها مرة أخرى، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تفاقمت معاناة المزارعين بعدما اشترطت قوات النظام ومليشياته دفع مبالغ تراوحت بين 200 ألف ليرة سورية و مليوني ليرة (ما بين 460 دولارا أميركيا و4400 دولار) في مقابل إرجاع الأرض لمالكها الحقيقي، وفق ما أكّده خمسة فلاحين التقتهم "العربي الجديد".
وتقدّر الأراضي الصالحة للزراعة الواقعة في المنطقة التي سيطر عليها النظام، بنحو 400 ألف دونم، جلّها تُزرع إما بالزيتون أو الفستق الحلبي، بسبب توفّر شروط هذه الزراعات في تلك المناطق، وتنتشر الأراضي الزراعية المنهوبة في 30 قرية، منها المضابعة، الفان الوسطاني، الفان الجنوبي، الفان الشمالي، الجنينة، قصر المخرم، قصر أبو سمرا، الحويجة، البيره، البردونة، طيبة التركي، ذويبة، تل الذيبة، قنص، السمرا، القبارية، كراح، خفسين، الطامة، رأس العين، السماقة، أبو القدور، دوما، الحزم، عرفة وغيرها من القرى، بحسب ما أوضحه المهندس الزراعي عبد الله خليل، المطّلع على المنطقة.
اقــرأ أيضاً
نهبوا أرضنا
وثق معد التحقيق مقطعا مصورا تداوله ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر قيام عناصر من "اللجان الشعبية" (مليشيا تابعة للنظام) بقطف ثمار الأراضي التي سيطروا عليها. ويظهر في المقطع الذي تحقّقت منه "العربي الجديد" عنصرين من "اللجان الشعبية" وهما يحصدان ثمار البطاطس، من إحدى الأراضي الزراعية في بلدة كفر نبودة الواقعة في ريف حماة الشمالي.
وبحسب المزارع المحيميد، فإن من تبقى من أهالي قريته أخبروه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأن قوات النظام استقدمت مليشيات اللجان الشعبية ووضعت يدها على أرضه التي تبلغ مساحتها 200 دونم (الدونم 1000 متر مربع).
وبعدما وصل النبأ إلى عائلة سعد المحيميد، باستيلاء المليشيا على أرضها ونهب محصولها من الشعير وإعادة زراعتها مرة ثانية، طلب والده تدخل وساطات وعمل على فتح قنوات حوار مع من سيطروا على الأرض، ولكن هذه المفاوضات ما لبثت أن فشلت فور بدئها، بسبب طلبهم مبلغ مليوني ليرة سورية، ما دفع بعائلة سعد لنيسان الأرض تمامًا، كما قال لـ"العربي الجديد"، مضيفا أن "ما يحدث لا يصدق، اللجان الشعبية اشترطوا تسليم الأرض في العالم القادم، بحجّة أنّهم زرعوها ويريدون أن يحصدوها ويبيعوا المحصول ثم يسلّموها".
يوضح سعد أن الأرض ورثها والده عن أجداده، وتقع شرقي ناحية الحمرا جنوب قصر بن وردان بريف حماة، وأنّهم كانوا يزرعون بها الشعير ويحصدون الأشجار المثمرة كالزيتون، قائلا: "هذه الأرض كانت مصدر رزق العائلة الوحيد".
شروط تعجيزية
وضعت المليشيات التي سيطرت على أراضي النازحين شروطًا غير قابلة للتطبيق في مقابل إعادة الأرض لمالكها وفق ما أوضحه الصحافي عبد الحكيم المحمد والذي نزح من ريف محافظة حماة الشرقي إلى مخيمات ريف مدينة معرة النعمان قائلا إن "30 قرية من الريف الشرقي وضعت القوات النظامية السورية ومليشياتها أياديهم على أراضيها بعد فرار النازحين من القصف والمعارك أواخر العام 2017". وأضاف المحمد، أن معظم الأراضي خصبة وتحتوي على الكثير من آبار المياه الأرتوازية وتعد مصدراً أساسياً لدخل المزارعين.
ويوضح المحمد وخمسة نازحين تمت السيطرة على أراضيهم، أن طلبات المليشيات تضمنت ثلاثة شروط: أولها جلب ورقة براءة ذمة تثبت عدم وجود أي ضرائب على الأرض وعدم خضوعها لأي خلافات في المحاكم، وتصدر من وزارة الزراعة التابعة للنظام، وهو ما يحتاج لأوراق ثبوية وسندات ملكية فقدها معظم أصحاب الأراضي خلال النزوح، أو تركوها في منازلهم عند هروبهم ولا يوجد سبيل لاستعادتها، فضلاً عن أن تلك المناطق ذات طابع عشائري تقوم على مبدأ التوريث من الآباء إلى الأبناء دون أي يكون هنالك أوراق ومعاملات رسمية، بحسب المزارع سعد المحيميد. أما الشرط الثاني يتمثل في دفع مبالغ مالية متفاوتة حسب مساحة الأرض ونوعية محصولها وتصل تلك المبالغ حتى مليوني ليرة سورية وهو ما لا يستطيع معظمهم تلبيته إذ نزحوا عن مناطقهم بملابسهم فقط، وليس لديهم القدرة على دفع هذه الأموال وفق ما أكدته مصادر التحقيق.
الخوف من الاعتقال
إلى جانب الشرطين السابقين، تفرض قوات النظام ومليشياته على عودة مالك الأرض وذويه إلى قريته، وهو ما شكّل عائقًا أمام المزارع حسين معيوف لاستعادة أرضه، إذ نزح مع زوجته وأطفاله الثلاثة من قرية جنة الصوارنة شرقي حماة إلى مخيّم الطليعة في معرة النعمان جنوبي إدلب، تاركاً خلفه بيته وأرضه المزروعة بالزيتون والتي تبلغ مساحتها 200 دونم، لكنها باتت الآن تحت تصرّف اللجان الشعبية منذ نزوحه عن القرية وفق ما قاله لـ"العربي الجديد"، مضيفا بحسرة: "الميليشيات التي سيطرت على أرضي قامت بحصاد ثمار الأشجار لموسمين".
طلب حسين من أحد معارفه في القرية التوجّه لأرضه وسؤال الجهة التي وضعت يدها عليها عن سبب ما جرى، فأجاب رئيس المجموعة المسلحة المسيطرة في المنطقة: "هذه الأرض لن تكون إلا لأبناء الشهداء ممن قتلوا وهم يدافعون عن المنطقة". يوضح معيوف أنّه بعد أشهرٍ من المتابعة ومحاولة استرجاع أرضه، وافقت مليشيات النظام على إعادتها مقابل ما سموه بـ "العودة إلى حضن الوطن" ودعته لترك المناطق التي تسيطر عليها المعارضة والعودة لقريته التي يسيطر عليها النظام، فضلاً عن دفع مليوني ليرة، وإحضار ورقة "براءة ذمة للأرض"، ما جعله يرفض خوفًا من تعرّضه للاعتقال عقب رجوعه.
اقــرأ أيضاً
سرقة المحاصيل
على الرغم من عدم نزوح جميع أصحاب الأراضي الزراعية من المنطقة المستهدفة شرقي سكّة حديد الحجاز، إلّا أن حصاد الموسم لم يسلم من سرقة مليشيات النظام السوري، كما يقول الثلاثيني سامر المرعي والذي نزح من قرية الفان شمال شرقي حماة، أواخر عام 2017، إلى مخيم "أخوة سعدة" في تجمع مخيمات ريف أطمة رفقة إخوته الثلاثة، تاركاً والدته وشقيقته وزوجها لرعاية أرضهم التي تقدر بـ30 دونماً. يقول المرعي لـ"العربي الجديد": "في نهاية موسم الصيف الماضي، أجبرت قوات النظام والدتي على عدم حصاد أرضنا الزراعية، بحجة مشاركة أبنائها في التظاهرات ضد النظام".
يشير سامر إلى أن الأرض كانت تُزرع بالقمح والشعير والبرسيم وأحياناً الحبة السوداء (حبة البركة) وتعتبر مصدر دخل العائلة الوحيد، وتابع: "في موسم حصاد عام 2018، كانت والدتي قد تكلفت الكثير من الأموال لبذار الأرض وحراثتها ورعايتها، وطلبت منّا تأمين مبلغ 200 ألف ليرة لإكمال الحراثة والبذار". واستمرّ حال الأرض دون حصاد بحسب سامر إلى أن جاءت سيارة عسكرية إلى أرضه تحمل عناصر مدججين بالسلاح ومعهم موالين للنظام من قرى قريبة، وأجبروا زوج شقيقة سامر على الانصراف، ثم تابعوا عملهم في حصاد الأرض. وبعد الانتهاء، وضعوا كامل المحصول في سياراتهم وهو ما تكرر على يد مليشات "الدفاع الوطني" التابعة للنظام والتي استولت على حصاد أراضي المعارضين المتواجدين في مخيمات النزوح أو أقاربهم، وفق إفادته.
مخالفات قانونية
يشكّل استيلاء قوات النظام على أراضي أهالي المنطقة مخالفة للقاعدة رقم 50 من القانون الدولي الإنساني العرفي والتي تنص على حظر تدمير ممتلكات الخصم، أو الاستيلاء عليها، كما يقول المحامي محمد كرنازي والذي كان يعمل في محاكم محافظة حماة، ونزح هو الآخر إلى الشمال السوري، واعتبر القانوني السوري أن الخطوة التي قامت بها قوات النظام مع العناصر الموالية لها من لجان شعبية وعناصر الدفاع الوطني، هي تعدٍّ على قوانين النظام ودستوره، قائلا: ينص الجزء 1 فقرة ب من المادة 15 من الدستور السوري على أنّه "لا تُنتزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة وبموجب مرسوم ومقابل تعويض عادل وفقًا للقانون". أما الجزء الثاني من المادة 15 فينص على أنّه "يجب أن يكون التعويض معادلًا للقيمة الحقيقية للملكية"، وأوضح كرنازي أنّه لا يوجد مسوغ قانوني بالسيطرة على أراضي يملكها مدنيون سوريون.
يشير المحامي إلى أن النظام السوري عمد إلى سياسة التضييق على معارضيه في الداخل والخارج، من خلال تجريدهم من حقوقهم المدنية والسياسية والحجر على أموالهم المنقولة وغير المنقولة ومنعهم من التصرف بها، مبيّنًا أن النازحين لم يكونوا خارج هذه السياسة، إذ وقعت حالات تصرّف مليشيات داعمة للنظام بممتلكاتهم ونقل ملكيتها بموجب وكالات قانونية في غياب أهلها، فضلاً عن السيطرة على الأراضي وكان آخرها قطف محاصيل الفستق الحلبي من أراضي ريف حماة وبيعه وحرمان مالكيه النازحين نحو الشمال السوري من جهدهم ومالهم.
عقب النزوح استقدمت قوات النظام مليشيات من القرى المجاورة، ومنحتها الأراضي الزراعية المملوكة للأهالي، ونهبت ثمارها وأعادت زراعتها مرة أخرى، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تفاقمت معاناة المزارعين بعدما اشترطت قوات النظام ومليشياته دفع مبالغ تراوحت بين 200 ألف ليرة سورية و مليوني ليرة (ما بين 460 دولارا أميركيا و4400 دولار) في مقابل إرجاع الأرض لمالكها الحقيقي، وفق ما أكّده خمسة فلاحين التقتهم "العربي الجديد".
وتقدّر الأراضي الصالحة للزراعة الواقعة في المنطقة التي سيطر عليها النظام، بنحو 400 ألف دونم، جلّها تُزرع إما بالزيتون أو الفستق الحلبي، بسبب توفّر شروط هذه الزراعات في تلك المناطق، وتنتشر الأراضي الزراعية المنهوبة في 30 قرية، منها المضابعة، الفان الوسطاني، الفان الجنوبي، الفان الشمالي، الجنينة، قصر المخرم، قصر أبو سمرا، الحويجة، البيره، البردونة، طيبة التركي، ذويبة، تل الذيبة، قنص، السمرا، القبارية، كراح، خفسين، الطامة، رأس العين، السماقة، أبو القدور، دوما، الحزم، عرفة وغيرها من القرى، بحسب ما أوضحه المهندس الزراعي عبد الله خليل، المطّلع على المنطقة.
نهبوا أرضنا
وثق معد التحقيق مقطعا مصورا تداوله ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر قيام عناصر من "اللجان الشعبية" (مليشيا تابعة للنظام) بقطف ثمار الأراضي التي سيطروا عليها. ويظهر في المقطع الذي تحقّقت منه "العربي الجديد" عنصرين من "اللجان الشعبية" وهما يحصدان ثمار البطاطس، من إحدى الأراضي الزراعية في بلدة كفر نبودة الواقعة في ريف حماة الشمالي.
وبحسب المزارع المحيميد، فإن من تبقى من أهالي قريته أخبروه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأن قوات النظام استقدمت مليشيات اللجان الشعبية ووضعت يدها على أرضه التي تبلغ مساحتها 200 دونم (الدونم 1000 متر مربع).
يوضح سعد أن الأرض ورثها والده عن أجداده، وتقع شرقي ناحية الحمرا جنوب قصر بن وردان بريف حماة، وأنّهم كانوا يزرعون بها الشعير ويحصدون الأشجار المثمرة كالزيتون، قائلا: "هذه الأرض كانت مصدر رزق العائلة الوحيد".
شروط تعجيزية
وضعت المليشيات التي سيطرت على أراضي النازحين شروطًا غير قابلة للتطبيق في مقابل إعادة الأرض لمالكها وفق ما أوضحه الصحافي عبد الحكيم المحمد والذي نزح من ريف محافظة حماة الشرقي إلى مخيمات ريف مدينة معرة النعمان قائلا إن "30 قرية من الريف الشرقي وضعت القوات النظامية السورية ومليشياتها أياديهم على أراضيها بعد فرار النازحين من القصف والمعارك أواخر العام 2017". وأضاف المحمد، أن معظم الأراضي خصبة وتحتوي على الكثير من آبار المياه الأرتوازية وتعد مصدراً أساسياً لدخل المزارعين.
ويوضح المحمد وخمسة نازحين تمت السيطرة على أراضيهم، أن طلبات المليشيات تضمنت ثلاثة شروط: أولها جلب ورقة براءة ذمة تثبت عدم وجود أي ضرائب على الأرض وعدم خضوعها لأي خلافات في المحاكم، وتصدر من وزارة الزراعة التابعة للنظام، وهو ما يحتاج لأوراق ثبوية وسندات ملكية فقدها معظم أصحاب الأراضي خلال النزوح، أو تركوها في منازلهم عند هروبهم ولا يوجد سبيل لاستعادتها، فضلاً عن أن تلك المناطق ذات طابع عشائري تقوم على مبدأ التوريث من الآباء إلى الأبناء دون أي يكون هنالك أوراق ومعاملات رسمية، بحسب المزارع سعد المحيميد. أما الشرط الثاني يتمثل في دفع مبالغ مالية متفاوتة حسب مساحة الأرض ونوعية محصولها وتصل تلك المبالغ حتى مليوني ليرة سورية وهو ما لا يستطيع معظمهم تلبيته إذ نزحوا عن مناطقهم بملابسهم فقط، وليس لديهم القدرة على دفع هذه الأموال وفق ما أكدته مصادر التحقيق.
الخوف من الاعتقال
إلى جانب الشرطين السابقين، تفرض قوات النظام ومليشياته على عودة مالك الأرض وذويه إلى قريته، وهو ما شكّل عائقًا أمام المزارع حسين معيوف لاستعادة أرضه، إذ نزح مع زوجته وأطفاله الثلاثة من قرية جنة الصوارنة شرقي حماة إلى مخيّم الطليعة في معرة النعمان جنوبي إدلب، تاركاً خلفه بيته وأرضه المزروعة بالزيتون والتي تبلغ مساحتها 200 دونم، لكنها باتت الآن تحت تصرّف اللجان الشعبية منذ نزوحه عن القرية وفق ما قاله لـ"العربي الجديد"، مضيفا بحسرة: "الميليشيات التي سيطرت على أرضي قامت بحصاد ثمار الأشجار لموسمين".
طلب حسين من أحد معارفه في القرية التوجّه لأرضه وسؤال الجهة التي وضعت يدها عليها عن سبب ما جرى، فأجاب رئيس المجموعة المسلحة المسيطرة في المنطقة: "هذه الأرض لن تكون إلا لأبناء الشهداء ممن قتلوا وهم يدافعون عن المنطقة". يوضح معيوف أنّه بعد أشهرٍ من المتابعة ومحاولة استرجاع أرضه، وافقت مليشيات النظام على إعادتها مقابل ما سموه بـ "العودة إلى حضن الوطن" ودعته لترك المناطق التي تسيطر عليها المعارضة والعودة لقريته التي يسيطر عليها النظام، فضلاً عن دفع مليوني ليرة، وإحضار ورقة "براءة ذمة للأرض"، ما جعله يرفض خوفًا من تعرّضه للاعتقال عقب رجوعه.
سرقة المحاصيل
على الرغم من عدم نزوح جميع أصحاب الأراضي الزراعية من المنطقة المستهدفة شرقي سكّة حديد الحجاز، إلّا أن حصاد الموسم لم يسلم من سرقة مليشيات النظام السوري، كما يقول الثلاثيني سامر المرعي والذي نزح من قرية الفان شمال شرقي حماة، أواخر عام 2017، إلى مخيم "أخوة سعدة" في تجمع مخيمات ريف أطمة رفقة إخوته الثلاثة، تاركاً والدته وشقيقته وزوجها لرعاية أرضهم التي تقدر بـ30 دونماً. يقول المرعي لـ"العربي الجديد": "في نهاية موسم الصيف الماضي، أجبرت قوات النظام والدتي على عدم حصاد أرضنا الزراعية، بحجة مشاركة أبنائها في التظاهرات ضد النظام".
يشير سامر إلى أن الأرض كانت تُزرع بالقمح والشعير والبرسيم وأحياناً الحبة السوداء (حبة البركة) وتعتبر مصدر دخل العائلة الوحيد، وتابع: "في موسم حصاد عام 2018، كانت والدتي قد تكلفت الكثير من الأموال لبذار الأرض وحراثتها ورعايتها، وطلبت منّا تأمين مبلغ 200 ألف ليرة لإكمال الحراثة والبذار". واستمرّ حال الأرض دون حصاد بحسب سامر إلى أن جاءت سيارة عسكرية إلى أرضه تحمل عناصر مدججين بالسلاح ومعهم موالين للنظام من قرى قريبة، وأجبروا زوج شقيقة سامر على الانصراف، ثم تابعوا عملهم في حصاد الأرض. وبعد الانتهاء، وضعوا كامل المحصول في سياراتهم وهو ما تكرر على يد مليشات "الدفاع الوطني" التابعة للنظام والتي استولت على حصاد أراضي المعارضين المتواجدين في مخيمات النزوح أو أقاربهم، وفق إفادته.
مخالفات قانونية
يشكّل استيلاء قوات النظام على أراضي أهالي المنطقة مخالفة للقاعدة رقم 50 من القانون الدولي الإنساني العرفي والتي تنص على حظر تدمير ممتلكات الخصم، أو الاستيلاء عليها، كما يقول المحامي محمد كرنازي والذي كان يعمل في محاكم محافظة حماة، ونزح هو الآخر إلى الشمال السوري، واعتبر القانوني السوري أن الخطوة التي قامت بها قوات النظام مع العناصر الموالية لها من لجان شعبية وعناصر الدفاع الوطني، هي تعدٍّ على قوانين النظام ودستوره، قائلا: ينص الجزء 1 فقرة ب من المادة 15 من الدستور السوري على أنّه "لا تُنتزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة وبموجب مرسوم ومقابل تعويض عادل وفقًا للقانون". أما الجزء الثاني من المادة 15 فينص على أنّه "يجب أن يكون التعويض معادلًا للقيمة الحقيقية للملكية"، وأوضح كرنازي أنّه لا يوجد مسوغ قانوني بالسيطرة على أراضي يملكها مدنيون سوريون.
يشير المحامي إلى أن النظام السوري عمد إلى سياسة التضييق على معارضيه في الداخل والخارج، من خلال تجريدهم من حقوقهم المدنية والسياسية والحجر على أموالهم المنقولة وغير المنقولة ومنعهم من التصرف بها، مبيّنًا أن النازحين لم يكونوا خارج هذه السياسة، إذ وقعت حالات تصرّف مليشيات داعمة للنظام بممتلكاتهم ونقل ملكيتها بموجب وكالات قانونية في غياب أهلها، فضلاً عن السيطرة على الأراضي وكان آخرها قطف محاصيل الفستق الحلبي من أراضي ريف حماة وبيعه وحرمان مالكيه النازحين نحو الشمال السوري من جهدهم ومالهم.