كثيراً ما تجري مناقشة حقوق الملكية الفكرية في العالم العربي بمعزل عن مشكلات صناعة الكتاب التي لا تجد دعماً حقيقياً لها يستند إلى رؤية وطنية حول قطاع النشر باعتباره ركناً أساسياً في عملية التنمية، وهو ما يقود إلى تساؤلات أكبر حول تثبيت حق المؤلّف من دون اهتمام يُذكر بالحق في القراءة.
لماذا يضطر معظم الطلبة في الجامعات والمعاهد العربية إلى دفع ثمن حصولهم على الكتب التي يحتاجونها في مجال دراستهم، والتي تخضع للضريبة والرسوم الجمركية، بينما يتوفّر جزء كبير منها لدى أقرانهم خاصة في الجامعات الغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع القدرة الشرائية في بلدانهم أيضاً؟
تحضر هذه الأسئلة مع الإعلان منذ أيام عن صدور العدد الأول من "المجلة التونسية لحقوق المؤلف "باللغتين العربية والفرنسية، والتي تتضمّن مقالات علمية وأدبية تناولت بالدرس والنقاش مسائل تتعلّق بحقوق الملكية الأدبية والفنية على غرار مفهوم الابتكار من خلال فقه القضاء التونسي وشروط التمتع بحقوق المؤلف والمصنفات المعنية بالحماية والبعد الزجري للقانون المنظم لهذا الميدان.
كما تتناول المجلة موضوعات حول ثقافة احترام هذه الحقوق ومنزلتها الدستورية والمراحل التي مر بها تعليم هذه المادة في تونس والنسخة الخاصة الرقمية والتصرف الجماعي في حق التتبع، وكذلك أبرز التحديات والرهانات المطروحة في هذا الميدان، إضافة إلى شهادات عدد من المؤلفين والمبدعين والفاعلين الثقافيين.
ساهم في إعداد الدورية عدد من الباحثين والمهنيين المختصين في مجال حقوق الملكية الأدبية والفنية، إضافة إلى مؤلفين وكتاب من المهتمين بهذا الموضوع، بحسب بيان "المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة" التي ستصدرها مرّة كل ستة أشهر.
وأشارت في البيان نفسه إلى أن المطبوعة الجديدة "ستوفر فضاء متميزاً للبحث والإضافة ولتقديم التصورات والمقترحات الرامية إلى تحقيق النقلة المرجوة في هذا الميدان بما يستجيب إلى تطلعات المؤلفين والمبدعين والفاعلين الثقافيين، وبما يمكّن من نشر ثقافة احترام هذه الحقوق وتجذيرها في مستوى الممارسة ولفت الانتباه إلى دورها الأساسي في حفز الابتكار ودفع الصناعات والثقافية والإبداعية وفي إنجاح المخططات والبرامج والمشاريع التنموية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية".