أوليفييه روا.. مواصلة نزع الثقافي عن الديني

31 مارس 2017
(أوليفييه روا)
+ الخط -

منذ صدوره بالفرنسية في 2008، ثم بترجمته إلى العربية في 2012، أخذ كتاب "الجهل المقدّس" موقعاً أساسياً في تفسير الكثير من الظواهر المرتبطة بالإسلام، خصوصاً في الغرب، مثل ارتفاع منسوب العنف وانتشار مذاهب بعينها، وأتت التغيّرات السياسية مدعّمة لعدد من أطروحاته.

مؤلف العمل، الباحث الفرنسي أوليفييه روا (1949) كان ضيف "معرض تونس الدولي للكتاب"، يوم الإثنين الماضي، ضمن لقاء حواري بعنوان "الدين والسياسة والتطرّف في العالم الإسلامي"، أداره الباحث التونسي حمزة المؤدّب.

من بين النقاط التي تناولها روا تلك الفظاعة التي تظهر في العمليات الإرهابية التي يرتكبها "داعش"، ويجري إخراجها بشكل محترف. لا يربط المحاضر ذلك بأسباب دينية، كما يفعل كثيرون، بل يعتبرها جزءاً من "إستطيقا الفظاعة" التي نجدها في ثقافات أخرى، ضارباً أمثلة لجماعات متمرّدة في أميركا اللاتينية وآسيا وغيرها، تقوم هي الأخرى بإخراج عملياتها الإرهابية بطريقة لا تختلف كثيراً عمّا تفعله "داعش".

يتابع روا منهجية الفصل بين الإسلام وما يُقترف باسمه حين يفسّر ظاهرة انتماء الشباب إلى جماعات "جهادية"، حيث يعتبر أن المسألة ليست عقائدية، إذ يقول "في الغالب، لا يأتي الناس إلى الدين مروراً من العقيدة، إنهم يفعلون ذلك في الأساس لأسباب متعلّقة بالمتخيّل والاجتماعي والأيديولوجي، وأن التعمّق في الجانب العقائدي يكون في مرحلة لاحقة". يلفت روا هنا، بشيء من الدعابة، إلى نموذج شباب يذهب إلى تجربة "الجهاد" وفي محفظته كتاب "الإسلام للمبتدئين".

في جزء آخر من حديثه، يعود روا إلى أطروحته الأساسية، وهي أن الظواهر السلبية التي تعلق في العقود الأخيرة بالإسلام لها أسباب ثقافية، فالتطرّف - بحسبه - ليس سوى عملية نزع الثقافي عن الديني، معتبراً وبشكل عام أن "التواصل بين الثقافي والديني في أزمة تقريباً في كلّ مكان" متخذاً أمثلة في فرنسا وفي العالم العربي.

في مقابل ذلك، يلفت روا إلى أن "السلفيين" لهم خطاب متأقلم مع وضعية "نزع الثقافي عن الديني"، بينما تعجز بقية الخطابات، من بينها الرسمية، عن هذا التأقلم. النتيجة بالنسبة إلى روا يمكن أن نراها في مدن إسلامية تاريخية تعيش على الدوام عملية ضرب التواصل الثقافي فيها، فتتحوّل شيئاً فشيئاً إلى "لاس فيغاس تطبّق فيها الشريعة" بحسب تعبيره.

المساهمون