وقفة مع أنيسة محمدي

18 ابريل 2018
(أنيسة محمدي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. هنا تتحدّث الشاعرة الجزائرية أنيسة محمدي عن ملامح عالمها الشعري.


■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
- الحياة في حدّ ذاتها انشغال دائم باعتبار كونها تفرض نواميسها التي تتجاوزنا، وتورّطنا بشكل متواصل في صراعات تنهكنا. هناك أشياء كثيرة مشوّشة في ذهني لها علاقة بحياتي الشخصية أساساً وعليّ أن أعيد ترتيبها. فأي السبل أختار؟


■ ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملكِ القادم؟
- آخر ما أنتجته هو خرافة- حكاية مزدوجة اللغة (فرنسية أمازيغية) بعنوان "من هو ملك الغابة؟". وأكتب مجموعة شعرية جديدة بعنوان "المتاهات الخائنة"، قريباً أنهيها وأسلّمها إلى الناشر. بالإضافة إلى ذلك، أشارك في العديد من الأنطولوجيات الشعرية.


■ هل أنتِ راضية عن إنتاجك، ولماذا؟
- لا أجد شيئاً مكتملاً في حياتي، سواء على مستوى مسيرتي الإبداعية أو حياتي الشخصية، يبقى دائماً هناك شعور بعدم الرضا، وهناك شكوك وأحلام. ولكن إذا كانت مهمّة الشاعر أن يتعالى أو يتجاوز الحدود بصوته ويترك آثاره في الكون، أعتقد أنني حقّقت جزءاً من هذه المهمّة باعتبار أن صوتي وصل إلى آفاق مختلفة من العالم، وهذا المسار تحقّق ضمن ظروف صعبة، لذلك يمكن القول أنني جدّ فرحة وفخورة بالنقطة التي وصلت إليها.


■ لو قيّض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
- في الجامعة، درست البيولوجيا، ولم يحدث أن اشتغلت ضمن هذا المجال، ربما إذا استثنينا استعمال المجهر للنظر في المتناهي الصغر من خلال الشعر. أحببت أن أستعمل المجهر لاكتشاف الأراضي والبحار، كنت أحبّ أن أكون مستكشفة للطبيعة، وأن ألتقط ما لا يمكن النظر إليه لا من بعيد ولا من قريب، إلا من خلال العمق فقط، ليبقى دائماً غامضاً وهو ما أحبّ القيام به في الشعر.


■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- لديّ نزعة إنسانوية. أنا جدّ حساسة للتراجيديا الإنسانية، وأستاء كثيراً للغباء البشري. أتمنّى لو أقوّض الفكر الظلامي الذي هو في اعتقادي أصل جميع المآسي الجماعية والفردية، وكل الدمار. لا يوجد ما هو أكثر فداحة من الجهل واختلال علاقات القوة. لو كانت لي قدرة سحرية، سأبدل العقل المحدود لهؤلاء الذين يفرزون كل أنواع العنف بعقل بشري لا يعرف أية حواجز ويحترم كل الكائنات.


■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- أودّ لو تعرّفت على شخصية الكاهنة أو ديهيا، تلك المحاربة التي قادت وهي امرأة جيشاً ضدّ الأمويين خلال الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا في القرن السابع ميلادي. تُذكر الكاهنة كرمز نسائي أسطوري في تاريخ الأمازيغ في حين أن النساء اليوم يتعرّضن للعنف الجسدي، والنفسي والمؤسساتي في مختلف بلاد المغرب ومنها المناطق الأمازيغية بشكل خاص. وكأن التاريخ يتراجع في عقليات شمال أفريقيا، ورمز الكاهنة يبدو بعيداً عن الاحترام.


■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
- أفكّر كثيراً في المرحوم والدي الذي يوحشني فراقه كثيراً. كان ثورياً كبيراً زمن حرب الجزائر في أرض المستعمر (فرنسا)، وكان أباً حامياً. كان سيساندني في الصعوبات التي اعترضتني، وكان سيكون بالتأكيد فخوراً بالبذور التي نثرتُها في العالم بنفختي الشعرية، إنها بشكل ما مواصلة لمشواره. والكتاب الذي أعود إليه بشكل متواصل هو "أسطورة سيزيف" لألبير كامو والذي يتناول فلسفة العبث التي أتبناها. أقرأ من وقت إلى آخر مقاطع منه والتي تشير إلى غياب المعنى في كثير مما يحدث في حياتنا. ما قام به سيزيف من دفع للصخرة الثقيلة ليس بأقل من العبث الذي نقوم به حين ندفع بمعتقداتنا والتي قد تكون أكثر ثقلاً من صخرته لو تمعنا في الأمر جيداً.


■ ماذا تقرأين الآن؟
- في هذا للوقت، لديّ قراءات قصيرة بسبب شعور بالتخمة الذهنية ربما، وعليّ أن أحرّر بعض الوقت وجزءاً من أعصابي من أجل الكتابة. أقرأ الكثير من الشعر، خصوصاً لشعراء أتعرّف عليهم خلال المهرجانات الشعرية، وهو ما يمكّنني من التعرف على عوالم مختلفة ويغذّي أكثر مخيّلتي.


■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أحبّ كثيراً الاستماع للموسيقى الكلاسيكية، سواء الغربية أو من تراثنا. الآن، أستمع إلى آخر ألبوم للمغنّي والشاعر القبائلي لونيس آيت منقلات. أما الأغنية التي أستمع إليها باستمرار فهي أغنية "مع الوقت" للفنان الفرنسي ليو فيري والذي أدعوكم إلى التعرّف إلى تجربته. وهذه الأغنية هي تأمّل جميل ونوستالجي حول الزمن الذي يمرّ.


بطاقة: أنيسة محمدي، شاعرة جزائرية من منطقة القبائل، ولدت في الجزائر العاصمة عام 1967. تكتب أشعارها باللغة الفرنسية، وكانت قد درست البيولوجيا في الجامعة، وهي تقيم حالياً بين فرنسا والجزائر. يعبّر شعرها عن نظرة جوّانية لعوالم الحياة الخفية والسرّية. من مجموعاتها الشعرية المنشورة: "تنهدات" (1996)، "صوت الصمت" (2001)، "باسم كلمتي" (2003).

المساهمون