أسماء الغيلوفي: تفاحة من مجموعة سكاكين

23 ابريل 2017
من المعرض، تصوير: سهير الأمين
+ الخط -

رغم صلاته بالفن وتقاطعاته معه، يظل التصميم design في النهاية مجالاً انبثق من الثورة الصناعية في مرحلة أولى ثم بلوره الإعلام ووسائله في وقت ثان.

في معرضها "ختم على بياض" الذي انطلق في 15 من الشهر الجاري، ويتواصل حتى 13 من الشهر المقبل في غاليري "ميل فوي" في مدينة المرسى بالقرب من تونس العاصمة، تستعيد التشكيلية التونسية أسماء الغيلوفي هذه العلاقة بين التصميم وأبويه؛ الفن والتقنية.

تعتمد في ذلك على تقنية الختم، حيث جهّزت مجموعة من الأختام تتضمّن كل واحدة تصميماً لأداة هي في الغالب مما نشرته الصناعات بشكل كبير على الناس/ المستهلكين؛ سكّين، قفل الباب، نظّارات، عكاز وغيرها، وهذه الأدوات هي عنوان اللوحات، غير أن الصورة النهائية تكون مختلفة؛ فمن خلال مجموعة الأختام تقوم بتشكيل صورة جديدة بحجم كبير؛ تفاحة من مجموعة السكاكين، أو كتاب من مجموعة النظّارات، أو ربطة عنق من مجموعة أحمر شفاه، في محاولة لإعادة التفكير في العلاقات بين هذه الأغراض والمنتوجات، وشبكات المعاني الجديدة التي تطرحها سواء من خلال حوارات داخلية ضمن اللوحة أو بين اللوحات المعروضة في نفس الفضاء.

عن معرضها، تقول الغيلوفي في حديث إلى "العربي الجديد": "تأتي هذه التجربة ضمن ممارسة فنية مستمرة منذ سنتين، إذ إن أقدم لوحات المعرض تعود إلى 2015 وأحدثها أُنتجت هذا العام، في محاولة مني لاستعمالٍ مركّبٍ للرسم؛ أي أنني أحاول الرسم بالرسم، والخروج من الأدوات التقليدية لممارسة الفن التشكيلي؛ الفرشاة أو القلم".

من جانب آخر، تشير التشكيلية التونسية إلى أن معرضها الحالي يأتي ضمن انشغال عام بـ "مسح فنّي لتاريخ التصميم"، باعتبارها باحثة أكاديمية في نظريات التصميم.

هل ثمة فرق اليوم بين الفنان الذي يضع طاقته في إبداعه فحسب، والفنان الذي يحمل إضافة إلى إبداعه صفة الباحث؟ تجيب الغيلوفي بأن الفنان – الباحث يذهب إلى إدخال إشكالية في عمله الإبداعي، والتي قد تكون في إطار أطروحة كما هو الحال معها حيث تشتغل أكاديمياً على "الأسس النظرية في مجال التصميم اللامادي"، وتجعل من أعمالها الفنية اختبارات لمقولات نظرية تستقيها من أكثر من فضاء فنّي وفكري مواز للفن والتصميم، مثل مارسيل بروست في الرواية أو جان بودريار في علم الاجتماع.

قد يشعر زائر معرض "ختم على بياض" بقطيعة بين فضاء المعرض والعالم الذي تركه وراءه حيث تجاذبات الحياة اليومية وسياقاتها السياسية والاجتماعية في تونس.

تقرّ الغيلوفي بذلك، لكنّها تشير إلى "أن ذلك لا يعني حالة إنكار للمناخ الذي تعيش فيه، بل يأتي ضمن سياقات اشتغالها على التصميم الذي هو بالتعريف فنّ كونيّ أي إنه يريد مخاطبة الإنسان مهما كانت مرجعيّاته الثقافية، وأنه يطمح دائماً إلى إنشاء فضاء فيه قابلية للحوار وللتبادل، ما يؤسس في النهاية إلى إيكولوجيا فنية وفكرية". تضيف: "في مجال التصميم، يكاد يعني التخلّي عن الكونية أن نسقط في الصناعات التقليدية".

المساهمون