جيرار حدّاد: كنتُ متعصّباً

09 نوفمبر 2016
(جيرار حدّاد)
+ الخط -

"كنت أنا نفسي متعصّباً، أيدولوجياً، بمعنى ستاليني قوي، أي أن الثورة تبرّر الجرائم والانتهاكات والخسائر الجانبية التي لا يمكن تحاشيها قبل أن تتحقق العدالة الاجتماعية". هذا ما يقوله الكاتب التونسي الفرنسي جيرار حدّاد (1940) في كتابه "في يمين المولى ـ التعصّب في ميزان التحليل النفسي" الصادرة ترجمته حديثاً عن دار "الجديد"، والذي يوقّعه في "معرض الكتاب الفرنكفوني" في بيروت عند السادسة من مساء غدٍ، الخميس.

طيلة كتابه هذا يفكّك حدّاد، مدفوعاً بتجربته الشخصية والنفسية في التعصّب، طريقة التفكير هذه، معتبراً إياها أسوأ ما يمكن أن يرتكبه العقل الإنساني. ويرى الكاتب أن التعصّب عادة ما يتغذّى من قيم مُحقة مثل العدل والمساواة والتكافل والمشاركة، حتى تأتي اللحظة التي يقوم بها المتعصّب بكل ما هو نقيض هذه الأفكار التي انطلق منها.

ويلفت صاحب "الخطيئة الأصلية للتحليل النفسي" إلى أن السلاح الأقوى الذي يستخدمه التعصّب هو الانتماء إلى فكرة الأخوية، وأن كل أشكال التعصّب على اختلافها تُبنى على هذا المفهوم، وتجمع حولها ما يطلِق عليه "المهتدين الجدد"، مستخدمة هذه الفكرة الجوهرية لتقيم حولها طقوس وأخلاقيات وقيم التطرّف في فكرة أو مبدأ أو مذهب أو دين ما، مشيراً إلى النازية والستالينية كأمثلة.

بالنسبة إلى حدّاد فإن التعصّب في مثل هذه الحالات هو عبادة القيم التي تفرضها الرابطة الأخوية هذه أياً كان جذرها، والتي يكون الانفصال عنها هو خيانة تستحق الموت.

يقول تلميذ جاك لاكان الذي التقاه عام 1969، واشتغل معه 12 عاماً في التحليل النفسي، إن التعصّب، بهذا يكون جنوناً، لكنه يتفوّق ويمتاز على الجنون الفردي بأنه جنون جمعي، أي اجتماعي يمكن تطبيعه داخل المجتمع واعتباره طريقة تفكير أو عيش.

تجربة جيرار حدّاد، المتعدّدة الطبقات بين روحية وسياسية واجتماعية يضاف إليها الطريق الذي سلكه في التحليل النفسي، تجعل من هذا الكتاب غوصاً ذكياً وتفكيكياً، لجنون التعصّب أياً كان شكلُه ومصدره، ومرجعاً يجدر الالتفات إليه في عصر التعصّب بامتياز.


المساهمون