كثيراً ما يلقب بـ شكسبير السينما، وقد يعود ذلك إلى قدرته على التقاط كثافة المشاعر والانفعالات الإنسانية؛ يكفي أن تقابل الشخصيات الكبيرة في أسئلتها بوجوهها التي غالباً ما تكون قريبة من الكاميرا في معظم أفلامه، تهيمن بملامحها على المتلقي ليلتقط أصغر حركة فيها ويحس بمستوى استثنائي من الواقعية والدقة والكثافة.
تحلّ هذا العام مئوية المخرج السويدي إنغمار بيرغمان (1918-2007) ثوري السينما في عقدي الخمسينيات والستينيات والذي وما زالت أفلامه مؤثّرة في أجيال مختلفة من السينمائيين بعده.
وبهذه المناسبة تحتفي، ليس فقط ستوكهولم، بل عدّة عواصم ومدن في العالم من بينها باريس ولندن وأوسلو وتورنتو وبرلين وكان والبندقية بسينما صاحب "بيرسونا" و"لعبة الصيف" و"انتظار النساء"، و"ابتسامات ليلة صيفية" و"الفراولة البرية" وغيرها، وتقام طيلة النصف الأخير من هذه السنة محاضرات وندوات وملتقيات وعروض حول أثر بيرغمان في السينما والأدب والمسرح والتلفزيون، وفي السويد تفرد عدّة فعاليات حول تأثيره في الثقافة السويدية.
كما تخصّص مهرجانات السينما العالمية التي ستقام في النصف التالي من العام، مثلما فعلت التي أقيمت في بدايته برنامجاً خاصاً استعادياً لتجربة أحد أبرز المخرجين في العالم.
وقد أعادت إذاعة ستوكهولم في ذكرى ميلاد بيرغمان، 14 من الشهر الجاري، آخر مقابلة أجرتها معه وكانت في نهاية الثمانينيات، حيث سئل فيها ما الذي قاده إلى السينما منذ البداية، وكانت إجابته بالعودة إلى الأثر الذي تركه فيه فيلم "جمال أسود" والذي شاهده ستّ مرات قبل أن يكمل السادسة من العمر.
بيرغمان كان موضوعاً لفيلمين وثائقيين هذا العام؛ أخرجت الأول الألمانية مارغريت فون تروتا (1941) والتي تعتبر واحدة من أهم مخرجات السينما الجديدة في ألمانيا ولطالما أعادت الفضل في تجربتها إلى المخرج السويدي.
عمل تروتا يحمل عنوان "بحثاً عن إنغمار بيرغمان" وفيه تستكشف الإرث الفني للمخرج وتعيد تشكيله وقراءته في ظل السينما المعاصرة، كما يقدّم الوثائقي صورة لرجل معقد جداً وصعب على الصعيد الشخصي، ويتضمّن صوراً نادرة لم يسبق وأن نشرت من قبل من حياة الراحل الخاصة وعوالمه وحياته والأحداث الأساسية فيها.
كما ظهر فيلم وثائقي آخر بعنوان "بيرغمان سنة في الحياة" من إخراج السويدية جين ماغنوسون (1968) وفيه تتوقف عند عام 1957 الذي اشتغل فيه بيرغمان على ستة مشاريع مختلفة في وقت واحد، في السينما والمسرح والتلفزيون.