من هذا التوصيف، ينطلق الملتقى الدولي "المدينة وتحوُّلاتها في الخطاب الروائي العربي المعاصر"، الذي افتُتحت أشغاله صباح اليوم السبت في "جامعة بومرداس"، شرقَي الجزائر العاصمة، ليطرح أسئلةً من قبيل: كيف أثّرت هذه المتغيّرات في الخطاب الروائي العربي؟ وكيف يُقدّم الروائي العربي مدينتَه؟ وهل ينقُل صورةً واضحة للأبعاد السوسيو ثقافية لمعمارية مدينته؟ وهل جدّد روايتَه لتتماشى مع متغيّراتها؟
ويتّسع النقاش ليشمل السينما أيضاً؛ حيثُ يثير الملتقى، الذي تتواصل أشغاله ليومَين، أسئلةً حول الصورة التي قدّمت بها السنيما العربية المدينة والفرد فيها.
إضافةً إلى الجلسة الافتتاحية التي خُصّصت لمحور "البعد الثقافي والحضاري للمدينة في الخطاب الروائي العربي المعاصر"، تتوزّع أشغال المؤتمر على أربع جلسات علمية؛ هي: "سيميائية المدينة ودلالتها في الخطاب الروائي العربي المعاصر"، و"تحوُّلات صورة المدينة في الخطاب الروائي العربي المعاصر - ظاهرة العنف"، و"أبعاد تجلّي المدينة في الخطاب الروائي العربي المعاصر- الرؤية النقدية للروائي العربي المعاصر، و"صورة المدينة وتحوُّلاتها بين المتخيَّل الروائي والإنتاج السنيمائي العربي المعاصر". وتُتبع كلّ جلسةٍ بورشةٍ علمية تُناقش المحوَر ذاته.
يشارك في الملتقى قرابة سبعين ناقداً وأكاديمياً من عددٍ من الجامعات الجزائرية، إضافةً إلى جامعات من تونس والعراق والأردن وبولندا؛ من بينهم: عبد الله عبان الذي يتناول "إشكالية التعدّد الهوياتي في المدينة"، وكيّسة ملاح في ورقةٍ بعنوان "التفاعل البروكسيمي، قراءة في دوائر القرب في رواية "لا سكاكين في مطابخ المدينة" لخالد خليفة".
وتضيء أوريدة عبّود على "فلسفة المدينة في رواية "رجالي" لمليكة مقدّم"، بينما تتناول سعيدة حمداوي "سردية المدينة في المدوّنات النقدية العربية"، ويرصد نور الدين لبصير "تجلّيات المدينة في الرواية العربية بين فواصلها المرجعية ودلالتها الرمزية"، وتشارك بوعيشة بوعمارة بورقةٍ تحمل عنوان "المدينة نصّاً موازياً في الرواية العربية".
من بين الأوراق المشاركة أيضاً: "تحوُّل فضاء السرد الروائي في الجزائر من الريف إلى المدينة: قراءة في ممكنات الخروج من التراثي إلى الحداثي" لـ نسيم حرّار، و"العنف وديستوبيا المدينة في الرواية العربية المعاصرة" لـ حسن تروش، و"صورة المدينة وتحوُّلاتها بين المتخيَّل الروائي والإبداع السينمائي" لـ سهام نجاري، و"المدينة بيت الصورة المتخيلة والصورة المتحركة- بحث في ثنائية الرواية والسينما" لـ شهرزاد بناني.
في حديثها إلى "العربي الجديد"، تقول رئيسة الملتقى، فتيحة شفيري، إن "التركيز على المدينة يأتي انطلاقاً من خلفية ثقافية؛ باعتبارها الفضاء الاجتماعي الأبرز بعد تراجع الفضاء الآخر: الريف؛ فالمدينة تجمع ثقافات متعدّدة وأيديولوجيات متباينة، ولم تبق على حال واحدةٍ بل طرأت عليها تحوُّلاتٍ جوهرية".
يهدف الملتقى، بحسب شفيري، إلى تقديم قراءات نقدية ثقافية لمدينة تتعرّض دوماً لمتغيّرات سريعة وخطيرة، في محاولةٍ لبناء المدينة بشكل سليم، مضيفةً: "لا نبحث عن المدينة المثالية، بل عن تلك التي تسودها قيم إيجابية، لنحصل في المقابل على مجتمع متماسك ومتطوّر".