نقصان

04 اغسطس 2017
تمّام عزام/ سورية
+ الخط -

لا يخلو غريبٌ من مشاعر نقص. هذه هي الحقيقة. الغربة نقصان أبدي. خاصة إذا كان الشتات (اللجوء، الهجرة) من ثقافة إلى ثقافة مختلفة.

الغربة جرح الغريب النفسي. شوائب في الروح تنمو بتعاقب الأيام والليالي. قد يكون للاستيهام دور فيها، في أحسن الأحوال، أما في الأسوأ، فالواقعيُّ غالبٌ الاستيهاميَّ.

يودّ الغريب في غالب الوقت، ألا يُرى، مع أن هذا حادث. فالغرباء تراهم الشرطة ودائرة الضرائب فقط. أما المواطنون العاديون، فلا يرونهم، لأسباب شتى منها العنصرية، وأخرى تخص طبيعة النظام الرأسمالي ذاته.

الغريب، يلتحق أتوماتيكياً، بمهمشي وفقراء البلد الأصليين.

يكون مكانه محفوظاً، لا بين هؤلاء، بل في آخر السلّم.

أعرف غرباء منذ خمسين سنة، مجتهدين ومتجنسين ومتزوجين من بنات البلد الأصلي، ورغم مكانتهم الاجتماعية المحترمة، يحكمهم ـ هم أيضاً، وربما لا إرادياً ـ بعضُ تبديات النقص الأبدي.

وحتى لو كان لسان الغريب آهلاً بلغة المنفى، فإن اعتماده يظل على عينيه بالدرجة الأولى، وعلى نظرات الآخرين بالمقابل. وكم تأتيه هذه الحاسة الجليلة بالهواجس والألم.

فماذا لو كان هذا الغريب كاتباً، و"يرى ما لا يُرى" وفقَ المأثور العربي؟

أظن أن جراحه ستكون أوخم!

المساهمون