كانت هذه الرسومات تجمع بين الفن البيزنطي وفن الأيقونات القبطي الذي كان منتشراً في مصر، وإلى هذين الشكلين يضيف الفنان المصري جرجس لطفي (1950) خصائص الرسم الفرعوني لينتج لوحات تستفيد من تقنيات مختلفة: بناء المشهد الفرعوني المرسوم على الجدران، والعيون الفيومية، والوجه الأيقوني، كما لا يخفى تأثّره بأعمال ظهرت في النصف الأول من القرن العشرين لـتشكيليين مصريين وتخصصت في تقديم الحياة اليومية للفلاح المصري.
إلى مجموعة معارضه السابقة التي قدمت البيئة الشعبية المصرية، يضيف لطفي مجموعة جديدة من ثلاثين لوحة يبدأ عرضها اليوم في غاليري "بيكاسو" في القاهرة، تحت عنوان "فيها حاجة حلوة"، ويتواصل حتى الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
تبدو شخصيات الفلاحين كما لو كانوا قديسين يرتدون الثياب البيض ويتألّمون خارجين من لوحات ربما تعود إلى العصر الثامن للميلاد، ثمة تقاليد تخص اجتماعاً من نوع ما، ويظهر كما لو كان الجميع في مناسبة دينية أو طقوسية، كما أن هناك لوحات تمثّل تفاصيلاً من التراث الشعبي المصري.
يلجأ الفنان إلى استخدام خامات جديدة في اللوحات، من بينها شمع النحل وصفار البيض، وورق الذهب قيراط 22. أما اختيار الألوان فهو كالعادة يميل إلى عناصر تعبيرية مستوحاة من اللوحات القديمة التي جسدت القصص المسيحية، فهو مثلاً قد يرسم السماء ذهبية اللون ويصوّر الشخصيات العادية كما كان يجري تصوير ملامح القديسين والمؤمنين وطريقة وقوفهم.
ورغم الحزن الذي تغرق فيه وجوه الشخصيات المرسومة، يسمّي الفنان معرضه "فيها حاجة حلوة"، فماذا يقصد بالضبط؟ هل هي البلاد؟ أم الحكايات القديمة؟ أم التراثيات الشعبية؟ في أي شيء يجد جرجس لطفي هذه الحلاوة؟ ربما في تأمّل الناس وآلامهم وطقوسهم ثم تحويل كل هذا إلى فن.