ينهمك الفنان باتريك ألتيس في مواضيع تتناول الكولونيالية والعلاقة بين الشرق والغرب، ويستكشف مفاهيم الشتات، والانتقال، والعزلة، والافتقار إلى الجذور الثقافية والحاجة إليها، وكيف يؤثر ذلك على شعور المرء بما هو عليه وكيف يبني الواقع الشخصي والثقافي.
هذه الثيمات الحرجة تنبع من تجربته كابن لعائلة من "الأقدام السوداء"، ويعتمد في مقاربتها على تجربته الخاصة في الشتات والظروف الصعبة المرتبطة به، فيدرس مواقف الإنسان المتغيرة والمتباينة حول الانتماء والتجريد والهجرة.
بمزيد من الأعمال الرقمية والتشكيلية، يقارب الفنان من جديد هذه الموضوعات في معرض بعنوان "تسامح" في غاليري "جيرالد مور" في لندن عند الرابعة من بعد ظهر الثلاثاء، 31 من الشهر الجاري، ويتواصل 25 كانون الثاني/ يناير المقبل.
وُلد ألتيس في الجزائر عام 1957 وهو من أصول مختلطة فرنسية وإسبانية، وهاجرت عائلته ضمن الهجرة الجماعية إلى فرنسا بمجرد استقلال الجزائر، لكنه أيضاً عاش فترات في جنوب إفريقيا وأميركا الجنوبية، بينما يقيم حالياً في بريطانيا.
من بين المؤثرات الأساسية كانت إقامته في جنوب أفريقيا بين 1981-1983، وكان ذلك في أوج الفصل العنصري وكان يقوم بتدريس اللغة الفرنسية.
يقول إن جنوب أفريقيا كانت مكاناً للتطرف، وإن هذه التجربة أظهرت له أن السياسة هي حقًاً نسيج المجتمع ونسيج الحياة الذي لا يمكنك العيش بدونه، ويبيّن في مقابلة معه إن "هذه النتيجة كانت السبب في أنني أصبحت مهتمّاً في محنة الناس".
ويضيف أنه يستكشف عادة موضوعات الهوية والتاريخ والسياسة مبيناً: "أنت دائماً ما تضع نفسك في عملك، إنها تتعلّق بك وكيفية ارتباطك بالعالم. بالنسبة إلي الفن هو حوار مع الناس وطريقة للحديث عن الهوية. بمعنى أنه يعطيني فكرة عن المكان الذي أقف فيها من حيث عملي ومكانتي في الحياة والمجتمع وأفكاري السياسية وأفكاري الاجتماعية. إنه يشبه تقريباً بياناً طوال الوقت، لكن ليس كذلك في الوقت نفسه".
في المعرض سبعون قطعة، بعضها يعود تاريخه إلى عام 2004، بينما تمّ إنشاء أعمال أخرى حديثاً العديد منها مخصّص لهذا المعرض بالذات، ومنها لوحات ومطبوعات رقمية والفن التصويري.
تعالج مجموعة من اللوحات حرب الخليج الثانية في عام 2003 والبروباغندا الأميركية، ويصوّر الفنان الجنود بالقرب من الجماجم والبشر المشوّهين يخرجون من شاشات التلفاز.
في عمل بعنوان "الحدائق المعلقة لإنجلترا"، يبدو الكانفاس كما لو أنه جدار يمكنك الكتابة عليه، ويتكون من ثلاث قطع حيث يمكن للمرء فكّ رموز الكتابة على الجدران في الخلفية - بعبارة "الديمقراطية" و"التسامح" و"الحرية"، إنها طريقة للتعبير عن كيف يمكنك أحياناً الاختباء تحت الجمال ويمكنك إخفاء الحقيقة الأقل جمالاً".
في أعمال أخرى، نرى البشر على شكل أسماك وبجع وثعابين وعنها يقول "هذه هي طريقتي لتمثيل الناس في كلّ المراوغات والاختلافات الخاصة بهم، ومع ذلك نظهر أننا جميعاً متشابهون".