يعيش اليوم قرابة نصف مليون من تلك القبائل التي تعود آثارها إلا آلاف السنين، ولا تزال تنتج تعبيرات أدبية وفنية توثّق المذبحة التي استمرت حتى مطلع القرن العشرين، ومنها ما يحتويه معرض "حس المكان" الذي افتتح أمس الأربعاء في "المتحف الوطني للفنون الجميلة" في عمّان، ويتواصل حتى نهاية الشهر الجاري.
المعرض ينظّم بالتعاون مع السفارة الأسترالية و"غاليري جابينجكا" في أستراليا و"جاليري جاكاراندا" في العاصمة الأردنية، بمناسبة أسبوع اللجنة الوطنية للاحتفال بيوم السكان الأصليين وسكان الجزر في أستراليا.
يشير مدير المتحف في تقديمه إلى أنه "عندما نتحدث عن فن سكان أستراليا الأصليين، فنحن نتحدث عن فن يضرب جذوره في تاريخ ومعتقدات هؤلاء السكان منذ آلاف السنين، وهو فن يلتقي في ظاهره مع الفنون المعاصرة، إلَا أنه يعتبر امتداداً لتاريخ متواصل يحمل في طياته معان روحانية عميقة، وهو يمثل في الحقيقة معتقدات وطقوس وروحانية هؤلاء السكان الذين بدأوا بالتعبير عن أنفسهم من خلال هذا الفن بشتى الطرق والوسائل، من خلال الرسم على جدران الكهوف والصخور، وفيما بعد على الخشب والقماش والورق، وهي تركز في الغالب على عناصر الطبيعة".
تتناول الفنانة ديبرا ينغ ناكامارا كهفاً في الأراضي المقدسة لشعبها البينتوبي، ويقع تحت الأرض مرتبطاُ بأحد الآبار الارتوازية الطبيعية، وتحاكي في لوحاتها الثلاث أسلوب الخرائط الطوبوغرافية وتظهر من خلالها تضاريس المكان.
يذهب إدوارد بليتنر في أعماله إلى تصوير أفعى قوس قزح وابنها التي تتعلّق بقصص الخلق لدى السكان الأستراليين الأصليين، حيث تعيش في الحفر المائية وتسيطر على الماء مصدر الحياة، في محاكاة لصراع البقاء في بلد تجفّ فيه الطبيعة لمدة ستّة أشهر في العام، وفي الصيف تظهر الافعى ملتّفة على قوس قزح وترمز في ذلك إلى دورة الحياة.
أما إليزابيث نيغواراي بوني، فتقارب أسلوباً معروفاً لدى مجتمع أمبيلاتواجا ويتمثّلل باستخدام تقنيات الرسم التقليدية لرسم الطبيعة من خلال أعمال تنقيطية مفصّلة تنتج المشاهد بأسلوب تصويري زاهي الألوان وطفولي إلى حد ما.
وتقدّم إلزي نابانانغا غرانتيس رحلة مجموعة من النساء من جميع الأعمار سافرن إلى الشرق لجمع الطعام، ومنه نبات كرمة الأفعى، التي تعدّ مقدسة لبعض القبائل الأسترالية ولها استخدامات متعدّدة، حيث تستخدم كحزام لحمل الأوعية الخشبية، وكذلك تستعمل للتداوي.
ترسم غراسي وارد نابالتجاري الجداول والنتوءات في منطقة مونتاتي حيث تسكن عائلتها، كما ترصد حركة النساء وهن يتنقّلن عبر البلاد ويؤدين عدداً من القطوس في احتفاليات مشهورة، كما توظّف العديد من الرموز مثل دائرة تمثل حفرة صخرية التي تشير إلى الأرض في الميثولوجيا الصحراوية.
إلى جانب أعمال لفنانين آخرين منهم كاثرين مارشال ناكامارا، وماري نابانغاردي براون، وميسيل بوسوم نونغوراي، ونادا رولينز، ورولي نغالي، وريتا توماس، وروسيللا ناموك، ووالالا تجابلاتارا.