محمد خميس: سيناريوهات عن مستقبل "القوة الأميركية"

20 فبراير 2019
محمد مهر الدين/ العراق
+ الخط -

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، ركّز العديد من المراكز البحثية في الغرب والشرق على ما سُمّي "النظام العالمي الجديد" الذي تُشكّل الولايات المتحدة القطب الأوحد فيه، ومحاولة استشراف آفاق توسّعها السياسي والاقتصادي والعسكري، واستقراء طبيعة علاقتها مع القوى الكبرى الناشئة.

عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر حديثاً كتاب "المستقبل الأمني للقوة الأميركية في أفق عام 2025" للباحث الجزائري محمد خميس الذي يقارب السيناريوهات المستقبلية للبيئة الأمنية الأميركية، والتحوّلات الحاصلة في بنية الدفاع الأميركي وقدراته في العشريتين المقبلتين.

يعتمد المؤلّف على تحليل محتوى النشريات الرباعية للدفاع للأعوام 2006 و2010 و2014، وهي التقارير التي تصدرها وزارة الدفاع الأميركية كل أربعة أعوام، وتحاول من خلالها إرشاد صناع القرار والاستراتيجية الأمنية الأميركية إلى أهمّ التحوّلات والتهديدات التي قد تواجهها في الخمسة والعشرين عاماً مقبلة.

في الفصل الأول، "مفهوم وتعريفات"، يعرّف خميس مفهوم تحليل المحتوى في الدراسات الاجتماعية: آلية لتصنيف الأفكار المفتاحية في المواد المكتوبة كالتقارير والمقالات والأفلام، والمعلومات المسجّلة، ويمثّل تحليل محتوى النصوص المكتوبة منهجية نسقية في البحث وتحليل المعلومات النصية بشكل أنموذجي، حيث يسمح لعملية التقييم أن تحدث من خلال وضع معالم تفسيرية للمعلومات. كما يعرّف بالفئات الدّلالية في النشريات المذكورة، اختيار الوحدات التسجيلية، وتحديد الفئات الدلالية كالقوى الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة.

يقدّم الفصل الثاني، "فئات تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2006"، الفئات الدلالية الموجودة في النص الأصلي للنشرية الرباعية للدفاع لعام 2006، ويقسمها وفق فئات القوى الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة، ليصل إلى تقويم المحتوى الضمني لهذه النشرية.

أما الفصل الثالث، "فئات تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2010"، فيعيد الباحث من خلال منهجية التحليل نفسها تقسيم الفئات الدلالية في النص الأصلي للنشرية، أي القوى الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة. وفي تقويمه محتوى هذه النشرية، يتناول مسائل التأثيرات المابعدية للأزمة المالية العالمية، وامتلاك إيران السلاح النووي، وصعود الصين، ورهان التغيير التكنولوجي، وما سمّاه "العاصفة الديموغرافية المقبلة".

يعود خميس في الفصل الرابع، "فئات تقرير النشرية الرباعية للدفاع لعام 2014"، إلى تقسيم الفئات الدلالية في النص الأصلي لهذه النشرية، كالقوة الدافعة واللايقينيات والاستراتيجية والقضايا الصاعدة، متناولاً بالتحليل مسائل أربعة، هي: إعادة التوازن من أجل مواجهة الطيف الواسع للصراع، وإعادة التوازن ودعم الوجود الأميركي على الصعيد الخارجي من أجل حماية أفضل لمصالح الأمن القومي الأميركي، وإعادة التوازن للكفاءة والقدرة والجاهزية في ظل القوة المشتركة، وإعادة التوازن بين الجنود المقاتلين والعناصر العسكرية التي تدعمهم.

حول الفرضيات الأساسية للاستراتيجية الأميركية الأمنية في الأمد الزمني بين عامي 2015 و2025، يشير الباحث إلى أن من أبرزها: استمرار الولايات المتحدة قوة عالمية بمسؤوليات عالمية خلال هذه الفترة، والاستمرار في إعادة التوازن إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي، واستمرار الانخراط في الشرق الأوسط، لكن مع وجود أقل للقوات الأميركية على الأرض، ولا عمليات مكافحة تمرّد في الأمد القريب، وتخفيض الانخراط العسكري في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية.

يخلص خميس إلى أن قراءة تقارير النشريات الرباعية للدفاع في السنوات العشر الأخيرة تُبرز وجود اتجاهات ثابتة في السياقات المستقبلية للبيئة الأمنية للولايات المتحدة بين عامي 2005 و2025، فيما تأخذ اتجاهات أخرى سمة الاتجاهات التي يمكن أن تتشكل بشكل أعمق في الأمد الزمني البعيد، أي ما بعد عام 2026، والاتجاهات التي بدت راسخة في تقارير النشريات للدفاع للأعوام 2006 و2010 و2014، وهي ظواهر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وصعود القوى الجديدة، وتهديدات المناطق النائية، والأعمال العدائية اللامتماثلة، والتهديدات الموجهة إلى الفضاء الإقليمي الأميركي.

أما الاتجاهات التي بدأت تتشكّل وأخذت سمة الاحتمال بعيد الأمد في تقارير النشريات الرباعية للدفاع فتتمثل في الحروب بالوكالة، وتنامي الحضور الصيني، والتحدّي الروسي كقوى منافسة للولايات المتحدة في النسق الدولي، والتأثير بعيد الأمد للأزمات المالية في وزارة الدفاع الأميركية.

المساهمون