محمد الأشعري.. الحفر في اللحظة الراهنة

30 نوفمبر 2017
(محمد الأشعري في الندوة، تصوير: أحمد بن إسماعيل)
+ الخط -

أمست اللقاءات مع الروائيين المغاربة في الآونة الأخيرة، تطرح سؤالاً مؤرقاً يخص علاقة النص الروائي بالتاريخ، ففيما يذهب بعضهم إلى التأكيد على انشغاله بالوقائع التاريخية المركزية، التي أسهمت في تشكيل المغرب المعاصر، يلجأ آخرون إلى التأكيد على ضرورة التمييز بين "الرواية التاريخية"، والرواية التي تستلهم وقائع تاريخية في بناء متخيّلها الروائي.

الروائي محمد الأشعري، صاحب "ثلاث ليال" (2017)، أعاد في لقاء مفتوح نظّم مؤخراً في "المركز الثقافي الداوديات" بمراكش، بمعية الروائي عبد الكريم جويطي صاحب رواية "المغاربة" (2016)، وتسيير الكاتب والسينمائي محمد اشويكة، الحديث عن علاقة الرواية اليوم بالتاريخ.

اعتبرالأشعري أن أكبر رهاناتنا اليوم، هي بناء الدولة الحديثة، والسعي نحو التحرر الثقافي والسياسي. وهو سعي يرتبط بشكل من الأشكال بتحرر المرأة، وهو ما دفعه إلى خيار أن يجعل من "ثلاث ليال" نصاً احتفائياً بمقاومة المرأة، لكن بتركيز على اللحظة الراهنة.

يعتبر الأشعري أن ما يهمه هو الحفر في الآن، والقدرة على تتبع الحقائق والأوهام في توازي حفري للشخصيات، وتكثيف للزمن. فالرواية هي الجنس التعبيري القادر على أن يجعل المتلقي على صلة بما يحدث، لذلك يعتبر صاحب "علبة الأسماء" (2014)، أن اللقاءات التي تنظّم حول الروايات لها مكانة خاصة ووضع اعتباري، وتساهم في ترسيخ فعل آخر، أكثر أهمية هو فعل القراءة.

يعتبر الأشعري، أن الرواية تجعل الناس يفهمون الأمور بشكل أفضل، أكثر من الكتاب النظري. فالكثير من الآلام والجروح والتحولات الاجتماعية التي تصيب الأمم يمكن أن نجد تجلياتها داخل المنجز الروائي.

في "ثلاث ليال"، لا تحكي شهرزاد خوفاً من الموت، بل نجد أنفسنا أمام صورة لامرأة مقاومة متمرّدة في مقابل صورة طاغية ضعيف، لا يحبّ حتى نفسه. "ثلاث ليال" ترسم صورة مجسمة لحياة التسلط، والهيمنة على المرأة.

يشير الأشعري، أن ما لدينا يعطي انطباعاً خاطئاً بأننا نعيش الحداثة، والحال أننا أمام انطباع واهم ما دمنا لا نتملك أسسها ومعرفتها، وحتى العلاقة مع المرأة محكومة بالدونية والتقليدية. أما عندما يتم الحديث عن علاقة الرواية بالتاريخ، ينوه الأشعري إلى ضرورة عدم الخلط بينهما، ويجب التمييز بين الرواية والرواية التاريخية، وهذه الأخيرة لها شروطها وخصائصها.

كان هذا اللقاء المفتوح فقرة من فقرات البرنامج الثقافي للمكتبة الوسائطية بمراكش، الذي سيشهد احتفاء بالعديد من الإصدارات المغربية، في مختلف الأجناس التعبيرية والمعارف. كما عرف اللقاء مشاركة الروائي عبد الكريم جويطي، الذي أعاد التأكيد على الحاجة للرواية، لأنها الوحيدة التي تعطينا الفرصة كي نحلم بعالم آخر. واستعاد جويطي مقولة فالتر بنيامين التي تؤشر على قدرة المبدع في لحظات الخراب، استدعاء عالم وردي وطريق أفضل لعالم أكثر عدلاً.

المساهمون