هند بوجمعة: حين يصدأ القفص الذهبي

13 يوليو 2015
لقطة من "وتزوج روميو جولييت"
+ الخط -

اختارت المخرجة التونسية ثيمة إنسانية عامة أدارت بها فيلمها، ما يعكس فهماً لخصوصية الفيلم الروائي القصير، الذي لا يحتمل الرسائل المُوجّهة والمبالغة في التفاصيل. يتأمل الفيلم قضية الزمن وما يفعله بالإنسان، وكيف يغيّر علاقاته الاجتماعية. تأخذ المخرجة الزواج والحب كنماذج يحوّلها الوقت إلى علاقات مبهمة وغامضة ومملة.

ينقل الفيلم يوميات زوجين مسنّين، يعيشان في بيت وكأنهما شبحان. ينامان ويستيقظان كل صباح، في نفس الوقت، يقوم كل واحد فيهما بنفس الأشياء تقريباً، حتى تحوّلت حياتهما إلى سلوك واحد ومكرّر.

تذهب الزوجة مباشرة إلى المطبخ، حيث ترتّب الأواني، وتتناول فطورها، وتغلق النافذة التي تتلاعب بها الريح، قبل أن تشطب على يوم آخر انتهى من حياتها في مُفكرة تعلقها. بعدها يستيقظ الزوج ويحمل قفة المشتريات من على الطاولة، وقبل أن يخرج يقول لزوجته "غداؤنا اليوم معكرونة"، وهكذا تدور عجلة الزمن، في رتابة وملل واضح.

يلفت الفيلم إلى خطورة الزمن على الحياة، وما يفعله بالأزواج خصوصاً، حين يتحوّل الحب الجارف الذي ينتهي بالزواج إلى روتين، ويتحوّل القفص الذهبي إلى قفص حديدي صدئ، تموت داخله المشاعر والعاطفة، ويتحوّل الزوجان إلى جسدين بلا روح، يُحرّكهما التعوّد فقط.

كما يُحذر الفيلم من الإرهاق الذي يستولي على الفرد، ويحوّل كل ما كان جميلاً إلى ألم، ليدخل في غربة مع ما حوله، ومنها قرينُه. بذكاء، تُبرز بوجمعة هذه الفكرة في مشهد تكون خلاله الزوجة في الحمّام، وفجأة يدخل عليها زوجها، فتقوم مهرولة بغلق الباب في وجهه، مع تنبيهه بأنها عارية. مشهد يعبّر عن وضع تحوّل فيه الزوج في نظر زوجته إلى رجل غريب لا يحق له رؤيتها دون ثياب.

بين العنوان والقصة ثمة جسر تواصل، حيث يحيل العنوان "وتزوّج روميو جولييت"، بوصفه أولى العتبات الفنية التي تأخذ الجمهور، لإحدى أشهر قصص الحب. لكننا حين نضعه إلى جانب قصة الفيلم فإنه يأخذنا إلى مقولة "الزواج مقبرة الحب".

رغم أن الحوار كان غائباً ـ وردت جمل قليلة في الفيلم - غير أن اللغة كانت حاضرة بقوة، تؤثثها سيميولوجية الصورة، وتعدّد إشاراتها المختلفة، والمونتاج الذكي، ناهيك عن طاقم العمل الموفق، واختيار الممثلين، خصوصاً ملامح المرأة التي جاءت قوية ومعبرة، ومفعمة بالتفاسير والانفعالات المختلفة.

اختارت المخرجة أن تكون جميع مشاهد الفيلم داخلية. كان خياراً ذكياً وخطيراً في آن، فقد غامرت بعدم كسر خط السرد أمام المتلقي، لكنها في المقابل أتقنت اللعب على نفسيته ومدّه بتغيّرات على مستوى الانفعالات مما يضعه في سياق التوحّد مع الموضوع ومحاكاته.

"وتزوج روميو جولييت" هو ثاني فيلم قصير في تجربة بوجمعة في إخراج هذا النوع من الأفلام، بعد عملها المعنون بـ "1144". ركزت في معظم مسيرتها على الأفلام الوثائقية، من أبرز أعمالها؛ فيلمي "سيكون الغد أفضل" و"يا من عاش".

اختارت المخرجة التونسية ثيمة إنسانية عامة أدارت بها فيلمها، ما يعكس فهماً لخصوصية الفيلم الروائي القصير، الذي لا يحتمل الرسائل المُوجّهة والمبالغة في التفاصيل. يتأمل الفيلم قضية الزمن وما يفعله بالإنسان، وكيف يغيّر علاقاته الاجتماعية. تأخذ المخرجة الزواج والحب كنماذج يحوّلها الوقت إلى علاقات مبهمة وغامضة ومملة.

ينقل الفيلم يوميات زوجين مسنّين، يعيشان في بيت وكأنهما شبحان. ينامان ويستيقظان كل صباح، في نفس الوقت، يقوم كل واحد فيهما بنفس الأشياء تقريباً، حتى تحوّلت حياتهما إلى سلوك واحد ومكرّر.

تذهب الزوجة مباشرة إلى المطبخ، حيث ترتّب الأواني، وتتناول فطورها، وتغلق النافذة التي تتلاعب بها الريح، قبل أن تشطب على يوم آخر انتهى من حياتها في مُفكرة تعلقها. بعدها يستيقظ الزوج ويحمل قفة المشتريات من على الطاولة، وقبل أن يخرج يقول لزوجته "غداؤنا اليوم معكرونة"، وهكذا تدور عجلة الزمن، في رتابة وملل واضح.

يلفت الفيلم إلى خطورة الزمن على الحياة، وما يفعله بالأزواج خصوصاً، حين يتحوّل الحب الجارف الذي ينتهي بالزواج إلى روتين، ويتحوّل القفص الذهبي إلى قفص حديدي صدئ، تموت داخله المشاعر والعاطفة، ويتحوّل الزوجان إلى جسدين بلا روح، يُحرّكهما التعوّد فقط.

كما يُحذر الفيلم من الإرهاق الذي يستولي على الفرد، ويحوّل كل ما كان جميلاً إلى ألم، ليدخل في غربة مع ما حوله، ومنها قرينُه. بذكاء، تُبرز بوجمعة هذه الفكرة في مشهد تكون خلاله الزوجة في الحمّام، وفجأة يدخل عليها زوجها، فتقوم مهرولة بغلق الباب في وجهه، مع تنبيهه بأنها عارية. مشهد يعبّر عن وضع تحوّل فيه الزوج في نظر زوجته إلى رجل غريب لا يحق له رؤيتها دون ثياب.

بين العنوان والقصة ثمة جسر تواصل، حيث يحيل العنوان "وتزوّج روميو جولييت"، بوصفه أولى العتبات الفنية التي تأخذ الجمهور، لإحدى أشهر قصص الحب. لكننا حين نضعه إلى جانب قصة الفيلم فإنه يأخذنا إلى مقولة "الزواج مقبرة الحب".

رغم أن الحوار كان غائباً ـ وردت جمل قليلة في الفيلم - غير أن اللغة كانت حاضرة بقوة، تؤثثها سيميولوجية الصورة، وتعدّد إشاراتها المختلفة، والمونتاج الذكي، ناهيك عن طاقم العمل الموفق، واختيار الممثلين، خصوصاً ملامح المرأة التي جاءت قوية ومعبرة، ومفعمة بالتفاسير والانفعالات المختلفة.

اختارت المخرجة أن تكون جميع مشاهد الفيلم داخلية. كان خياراً ذكياً وخطيراً في آن، فقد غامرت بعدم كسر خط السرد أمام المتلقي، لكنها في المقابل أتقنت اللعب على نفسيته ومدّه بتغيّرات على مستوى الانفعالات مما يضعه في سياق التوحّد مع الموضوع ومحاكاته.

"وتزوج روميو جولييت" هو ثاني فيلم قصير في تجربة بوجمعة في إخراج هذا النوع من الأفلام، بعد عملها المعنون بـ "1144". ركزت في معظم مسيرتها على الأفلام الوثائقية، من أبرز أعمالها؛ فيلمي "سيكون الغد أفضل" و"يا من عاش".

دلالات
المساهمون