أسبوع جبل عمّان: ثقافة الجبال القلقة

18 مايو 2015
من فعالية "حِبر" ضمن "أسبوع جبل عمان الثقافي"
+ الخط -

يبدو المشهد الثقافي في عمّان هذه الأيام منتعشاً، على الأقل في الدوائر الموزعة بين "جبليّ" عمّان واللويبدة، حيث تتركز معظم المؤسسات والمساحات الفنية والثقافية، رغم بقاء أسئلة النوعية والجمهور حاضرة.

مع كثرة الفعاليات، يبقى ضمان الحضور أمراً شاقاً، بين طبقة وسطى متآكلة اقتصادياً وثقافياً وأخرى أفقر لا تقدر أحياناً دفع ثمن المواصلات للوصول إلى الفعاليات المجانية إن أرادت الحضور. من ناحية أخرى، يمثل قلة الدعم المالي للمساحات الفنية المستقلة هماً كبيراً، كمساحة "مكان" الفنية المهددة بالتوقف بعد تواجدها لأكثر من عقد، الأمر الذي دفعها أخيراً لإطلاق حملة تمويل جماهيري.

مشكلة الحضور حصرت جمهور بعض الفعاليات الثقافية ـ تقتصر على دوائر نخب محددة ـ بالتمكن من اللغة الإنجليزية والفئة العمرية والثقافة المتعلقة بأسلوب الحياة، إلى أن أتى الدعم المتمثل بالمقيمين الأجانب، ويساعدهم في ذلك استخدام المنظّمين للغة الإنجليزية في الإعلان عن الفعالية وحتى كلغة رئيسية أحياناً.

مع حمّى الفعاليات، أتى "أسبوع جبل عمان الثقافي"، الذي اختتم نسخته الثانية مؤخراً، مغايراً لما يجري عادة في الجبلين، حيث تم التعاون بين عدة مؤسسات أبرزها "عبد الحميد شومان" لإقامة فعاليات متنوعة بين الموسيقى والسينما والشعر، والندوات والقراءات وتوقيع الكتب؛ في محاولة تهدف على ما يبدو إلى تكوين مشهد ثقافي متماسك في "جبل عمان" بعد أن ابتلع التحول التجاري لـ"شارع الرينبو" صيت المنطقة في السنوات الأخيرة.

ما يُحسب للمنظمين هو التركيز على كل ما هو محلّي، فعُرضت ثلاثة أفلام أردنية أبرزها "ذيب" لناجي أبو نوار الذي شهد مسرح الرينبو عرضه العام الأول بعد انتهاء عروضه التجارية، إذ حظيَ بحضور كبير اضطر معه القائمون على إقامة عرض آخر في نفس الليلة، وأقيمت مجموعة ندوات مثل "كاريكاتير حر غير محرر" بمشاركة رسامي كاريكاتير ناقشوا مسألة الرقابة في الصحافة الورقية والحرية التي وفَّرها النشر الإلكتروني، وحوار بعنوان "اللغة العربية المعاصرة" في مؤسسة "حبر" عن مستقبل الفصحى والعامية، ومناظرة بعنوان "مناهج التعليم مسؤولة عن تدني مستوى الشباب الثقافي والفني".

ضَمنَ الأسبوع نجاحه بضمان حضور متنوع جيّد، المعيار الأهم لقياس النجاح في الحالة العمّانية؛ هو التركيز على المحلّي الذي يسلّط الضوء على قيمته بطبيعة الحال، وهو ما يعيد إلى مسألة النوعية، خصوصاً في ظل ندرة النقد لكل ما يحدث من فعاليات، سواء في الأقسام الثقافية للجرائد المحلية التي تفضل صيغة الخبر على العرض النقدي، أو حتى في المواقع الإلكترونية قليلة العدد.

والنتيجة بقاء إقامة فعالية هنا أو هناك محصورة في نطاقها لا يبنى عليها في معظم الأحيان، ما يحد أيضاً من تحقيق التراكم الضروري لخلق منتج فني أو حالات ثقافية لها سماتها الخاصة.

مع ذلك، أثبت "الأسبوع" أهمية التعاون بين المساحات الثقافية المختلفة في استقطاب الجمهور، وهو ما ينبغي أن تستفيد منه الفعاليات الأخرى، كمعارض الفن التشكيلي مثلاً.

في هذه المرحلة، يبدو أي فعل ثقافي أو فني في عمّان التي تحترف الانتظار والقلق ضرورياً، مع ما تعيشه من توتر سياسي واجتماعي مغلَّف بهدوء حذر.
المساهمون