حظي المعماري المصري حسن فتحي (1900 – 1989) باهتمام كبير لدى عدد من المعماريين العرب الذين حاولوا تطوير رؤيته في العمارة التقليدية أو محاكاتها على أقل تقدير، كما وُضعت الكثير من الدراسات التي تفاوتت بين الاحتفاء بالتنظير الذي قدّمه صاحب "عمارة الفقراء" أو نقد إخفاقه في تنفيذ نظرياته.
الاستعادات الكثيرة ترتبط بمحاولات البعض استيعاب أزمة العمارة العربية الحديثة والمعاصرة التي ظلّت رهينة تصوّرات الآخر عنّا، سواء في نظرتنا التبعية ومحاولة تقليده في طرز حداثوية، أو من خلال مقاومته واستعارة نماذج إسلامية وتقليدية كشكل من الاحتماء بالتاريخ.
يقيم "متحف سرسق" في بيروت جلسة لتقديم كتاب "حسن فتحي: الأرض واليوتوبيا" (2018) الصادر عن "منشورات لورنس كنغ" في نيويورك للباحثتيْن المعماريتين العراقية سلمى سمر دملوجي، والإيطالية فيولا بيرتيني حول فلسفة المعماري المصري الراحل.
تشتمل الجلسة على لقاء يجمع مؤلفتيْ الكتاب بالمعماري المصري عبد الواحد الوكيل لنقاش تجربة فتحي الذي تبنى أشكالاً وأساليب ومواد تقليدية وواسعة، واستمر في العمل من أجل تحسين أوضاع فقراء الريف في مصر، والتي تتضمّن المقدمة اقتباساً له يقول فيه: "نحن لا نشعر بالقلق مع الملايين من الناس. نحن مهتمون بالذين يكسبون الملايين".
وتشير المقدمة إلى المكانة التي يحتلّها الراحل مع عدد من المعماريين الحداثيين في بلدان مختلفة حول العالم، ومنهم خوسيه بيليكنيك في سلوفينيا، وبيكيونيس وكونستانتين دوكسيادد فى اليونان، ولويس باراجان فى المكسيك.
كما يناقش المشاركون "آراءه التي ترتبط بنضاله داخل المجتمعات والقرى والمدن المصرية منذ الأربعينيات، حيث كان يعمل على هندسة معمارية أصلية ومتجذرة في ثقافة المنطقة، مبنية على الموارد الطبيعية: الطين والحجر والأرض والحرف المصاحبة وتقنيات البناء"، بحيب بيان المنظّمين.
يجمع الكتاب وجهتَي نظر دملوجي التي تدرّبت عند فتحي بعد تخرّجها وعملت معه في فترة، وبيرتيني التي وضعت أطروحة دكتوراه حول عمارته، ويضمّ جزأين هما: "الثقافة والفلسفة" و"التصميم والتخطيط وبناء الأرض".
كما يشتمل على قرابة 450 رسماً توضيحاً لأعماله نُسخت عن مخطّطات أصلية وضعها بنفسه ولم تنشر سابقاً، ومواد أرشيفية حول تجرته، وعدد من الرسائل الشخصية والمقابلات والصور الفوتوغرافية.
توضّح المؤلّفتان أن فتحي كان يبحث عن الحداثة التي تعكس السياق المحلي لمصر، وطوال مسيرته المهنية كان هدفه دائماً خلق بنية يمكن أن تكون نموذجاً للأشخاص الذين يحتاجون إليها. كما أنه قدم مشاريع سكنية أخرى ومخططات مجتمعية في مصر وباكستان والعراق، إضافة إلى دراسته للبناء والتاريخ لتطوير أساليب حديثة للتقنيات المصرية التقليدية، بما في ذلك بناء الأرض.