الفرعي: راب لا يخشى المؤامرة

23 نوفمبر 2014
طارق أبو كويك
+ الخط -

في ألبومه الجديد، "كمان دفشة"، يعود مغني الراب الفلسطيني طارق أبو كويك، أو "الفرعي"، بالاشتراك مع أسامة عبّاس أو "دمار"، ليسلّط الضوء على سلبيات المنظومة الاجتماعية والسياسية والثقافية، موجّهاً نقداً جريئاً لواقع المنطقة العربية.

"اشترِ حريتك الآن أو ابداً، آن الأوان أن تتكلم العربية علناً". بهذه الكلمات، يفتتح الثنائي ألبومهما، ليُبرزا، منذ البداية، واحدة من إشكاليات الواقع؛ اللغة. اللغة بوصفها ممارسةً لفعل الحرية والانطلاق، وليس كجزءٍ من الهوية فحسب. فكلماته، كما يتجلّى في الأغنية، أداة واقعية للخروج عن المألوف، كونها وسيلة للمحاكاة الثورية، وآلية لنقد الفكر المقولب في المجتمعات، الذي أسماهُ سابقاً بـ "الشرك العربي السائد".

يأخذ "كمان دفشة" طابعاً إيقاعياً سريعاً، أقرب ما يكون إلى إيقاع الحياة في الأحياء الشعبية، إلى تلك الفئة المهمّشة التي يصفها بـ "المجتمع اللي قد ما شاف.. عاف.. صار يخاف"، كما هو "مساحة لفتى الحَواري". ومن جهةٍ أخرى، هو أيضاً لـ "الطبقة اللي بتهدر الأموال بجنون". ويتّسم العمل بأسلوبٍ يراعي تقاليد الساحة الاجتماعية: "صلب الموضوع عندي ما بيتعارض مع الأعراف".

لا يتوانى "الفرعي" - المقيم في الأردن - عن تحميل كلماته بعداً سياسياً، يعمل على تعرية المشاريع الاستعمارية: "عم بحكيلك حدوتة الـ CIA والأعرابي"، متناولاً انعكاساتها التاريخية على المستوى الجغرافي، كما نلاحظ في أغنية "احتواء": "مخططات لعينة، ما تنسوا إنه هم اللي رسموا فلسطين التّاريخية، شعبي على الضّفتين ناشف على أراضي خصبة"، مشيراً إلى أن ما يقدمه من فنّ تحتويه "موسيقى حوض النيل"، و"راب شرق النهر". هكذا، يعرّف عن هويته بوصفها قابلةً للتّعميم على الثقافات العربية المتنوّعة، خصوصاً في ظلّ ما تخوضه المنطقة العربية من صراعات: "إحنا معبر ممر مضيق من آسيا للإفريق، إجينا نقتل الشيطان وننهي تجارة الرقيق".

وفي هذا السياق، لا يكتفي أبو كويك بانتقاد الاستعمار فحسب، بل يخوض في الشأن المحلي، متناولاً الساسة، ومتفائلاً بالجيل الناشئ، الذي ينتمي الفنان إليه، وقدرته على تحريك الركود السياسي المعاش: "بتتحججوا بالمؤامرة على أمل إنكم تبقوا، الشباب بتصرفوا مع الاستعمار الجديد مش جايين نجرّبكوا".

"الصراع في منطقتنا لا يتجزّأ، كل الأمور ترتبط ببعضها، والكلمات التي أختارُها هي انعكاس للواقع الذي أراه". هكذا، في حديثه إلى "العربي الجديد"، يعبّر الفنان الشاب عن رؤيته الفنية والرسالة التي يضمّنها في أعماله.

فمنذ ألبوميه السابقين، "صوت من خشب" و"فرع المداخل"، اللذين صدرا عام 2012، وأبو كويك يخوض، غالباً، في منطقة واحدة، سعياً منه إلى تعزيز هاجسه الفني ودمجه في الواقعي، ليقدّم مقولته التي لازمت أسلوبه وخطّه: "أنا معاكم واقف بالصفوف".

من ناحيةٍ تقنية، لا يكتفي "الفرعي" بالكلمة والإيقاع، كما هو حال النمط الكلاسيكي لأغاني الراب، بل يعمل على الناحية الموسيقية فيها، كإضافة لحن يزيد من متانة البنية النغمية التي يقدّمها؛ فكوردات الغيتار التي اشتغل عليها واتسمت ببساطتها وتناغمها، إضافةً إلى الأنغام الخفيفة التي صاحبت التوزيع، شكّلتا معاً عاملاً بارزاً أضفى سلاسة على سير الجملة الموسيقية لديه، بل حتى على طريقته في تأدية الأغاني.

يحتوي "كمان دفشة"، أيضاً، على إدخالات موسيقية جديدة لشريكيه "دكتور بروف"، و"دمار" اللذين مزجا الراب بكل من موسيقا الـ"تيكنو" والـ "هيب هوب"، ليكونا خلفيةً لمعظم أغاني الألبوم، وأضافا بعض المؤثرات الصوتية الخاصة بموسيقى الـ psychedelic التي تعتمد على مؤثرات سمعية حديثة مرتكزةً على الصّدى واتّساع التموّجات الصوتية.

المساهمون