هموم شعرية: مع أديب كمال الدين

25 يونيو 2017
(أديب كمال الدين)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته.


من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
- نعم أعتبر نفسي شاعراً له قرّاء من أنواع شتّى لكنّ أغلبهم من الشعراء والكتّاب وطلبة الجامعات وبخاصّة طلبة الدراسات العليا. هذا عن القرّاء العرب أمّا عن القرّاء الأستراليين – حيث صدرت لي مجموعتان باللغة الإنكليزيّة - فهم من الموظفين والعمال إضافة إلى الشعراء والكتّاب بالطبع.


كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
- تعاملت مع ناشرين من العراق والأردن ولبنان وأستراليا، أذكر منهم "دار أزمنة"، و"المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، و"دار سيفيو" (أستراليا)، و"الدار العربية للعلوم ناشرون"، و"منشورات ضفاف" التي أتعامل معها الآن في معظم إصداراتي الشعرية، وبخاصة أعمالي الشعرية الكاملة.


كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- منذ أن ولجت إلى الساحة الأدبية قبل 45 عاما بالتمام والكمال، واجهت حقيقة أن النشر في المجلات والجرائد وحتى في دور النشر يتبع "العلاقات الشخصية". وهذه العلاقات قائمة على أسباب كثيرة، أيديولوجية، ومنفعية، وإخوانية، وعشائرية، وطائفية، ومناطقية... إلخ والأسباب الإبداعية تأتي في آخر القائمة أو لا تأتي أبداً. الآن الثورة الإنترنتية، بتنوعها وثرائها واتساعها، رمت حجراً رائعاً كسر زجاج هذه العلاقات البشعة وسحقت ديكتاتورية المحرّر الأدبي الرابض على باب صفحته الثقافية. فلم يعد هذا المحرّر وحده مالكاً لمفاتيح النشر كما كان في السابق بعد أن "همّشه" الإنترنت أو كاد، لكن المضحك أن بعض محرّري المواقع الذين كانوا يعملون في الصحف نقلوا أمراضهم القديمة إلى الإنترنت فصاروا ينشرون لأسباب أيديولوجية، ومنفعية، وإخوانية، وعشائرية، وطائفية، ومناطقية وكأنّ شيئاً لم يكن!

تهاجر الصحف والمجلات والكتب في أستراليا وفي الغرب عموماً الآن إلى الإنترنت وبسرعة لكن مع ضوابط نشر صارمة. فالنشر في الصحف والمجلات يتطلب أن تكون المادة غير منشورة أولاً وأن تكون بمستوى فني جيد. في المقابل فإن مواقع هذه الصحف لديها قرّاء بالآلاف يومياً وليست مواقع وهمية أو شبه وهمية، وهي تحتفظ بأرشيفها بشكل دقيق ومبرمج، وتنشر المواد لأسباب إبداعية في الغالب، وتهتم بإخراج المواد المنشورة. إذن لا يتم النشر فيها بالطريقة العربية حيث تجد قصيدة رديئة لأحدهم أو لإحداهن منشورة في عشرات المواقع في يوم واحد وبنجاح ساحق!


هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- نعم أنشر شعري في مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار وأرى في هذه المواقع وسيلة حوار رائعة مع المتلقّي، حيث يمكنك أن تتعرّف بسرعة إلى أثر نصّك الشعري

وكذلك نشر أخبار إنجازاتك الجديدة، لكن الصورة ليست مضيئة تماماً إذ تكتنفها نقاط سود، سببها أنك بالقدر الذي تنال محبّين لك ولنصّك ولمنجزك فإنه بالقدر نفسه تنال كارهين وحاقدين وحاسدين. هذا من جهة، ومن أخرى فإن هذه المواقع تشجّع النص الشعري القصير بل البرقي وتتقبّله و"تدعو" إليه، وتظلم النص الطويل بقسوة وإن كان يمتلك مستوى فنياً راقياً.


من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- هو مزيج من الشعراء والكتّاب والباحثين عن قصائد الحب وطلبة الجامعة من كلا الجنسين.


هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
- هذا الرأي كنت أجده حقيقياً حين كنت ببغداد في الثمانينيات والتسعينيات، حيث أغلب ما يُنشر من شعر هو لشعراء السلطة وتمجيداً فجّا لها، فكان القارئ يبحث عن الشعر الحقيقي بعيداً عن المتاح لكني كنت أقرأ الشعر الأجنبي بالإنكليزية لا المترجم حيث من النادر أن تقرأ شعراً قد تُرجم بدقة وبلغة عربية صافية.


ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
- لم يزل الشعر العربي قريباً من روح الناس إذا ما قورن بالشعر الغربي، لأن الروح العربية لم تنل الحد الأدنى من الحياة ومن أسباب الحياة، لكن عيوب هذا الشعر كثيرة أهمها التسطيحيّة وفقدان التأمّل الحقيقي في مآسي الإنسان ومستقبله إلّا في ما ندر، إضافة إلى الغنائية المفرطة أوالتزويقية الشديدة أو البلاغية الفجّة أوالتكسّب أو ابتذال الشاعر لشعره من أجل المال أو الجاه أو المنصب.


شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
خليل حاوي، شاعر كبير بكل المقاييس. نسيه اللبنانيون قبل العرب مع أنه شاعر يمتلك قاموساً شعرياً، ولغة مكثّفة مقتصدة، وبناء قصيدة متماسكاً، وموقفاً خاصاً من دور الشاعر. موقفه بجانبين، جانب مشرق حيث لا ابتذال ولا تكسّب، وجانب مظلم حيث العجز عن مواجهة مآسي الحياة فلم يجد حلّاً إلّا بالانتحار.


ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
- أن يتعمّق في سر الإنسان حقاً وصدقاً!

بطاقة: ولد أديب كمال الدين في محافظة بابل العراقية عام 1953 ومقيم حالياً في أستراليا. درس الاقتصاد في جامعة بغداد وتخرج منها عام 1976، ليعود ويدرس الأدب الإنكليزي في نفس الجامعة ويتخرج منها عام 1999. أصدر 19 مجموعة شعريّة بالعربية والإنكليزية، كما أصدر المجلّدين الأوّل والثاني من أعماله الشعرية الكاملة. . تُرجمت أعماله، التي امتازت بمنحاها الحروفي والصوفي، إلى العديد من اللغات كالإيطالية والفارسية والأوردية والإسبانية والفرنسية والكردية.

المساهمون