الكتاب الذي نقلته إلى العربية صفية مختار، يحلل التسلسل الزمني وطبيعة الأمم منذ العالم القديم مروراً بأوروبا في العصور الوسطى وصولاً إلى العصر الحديث المبكر ثم العصور الحديثة، كما يناقش المصائر البديلة التي تواجه الأمم الحديثة اليوم.
يحلل الكاتب مشاكل التصوّر الحداثي للأمم، حيث يرى ضرورة وجود تصوّر أشمل للأمة؛ مميّزاً بين الأمة باعتبارها فئة تحليل وبين الإحصاء الوصفي للأنماط التاريخية للأمم. ويستكشف الجذور العرقية والدينية بوصفها العوامل الأساسية لتكوين الأمم واستمراريتها. ويرى أن أفضل طريقة لرؤية الأمم هي رؤيتها من منظور الأنواع السالفة للهويات الثقافية والسياسية الجمعية.
بالنسبة إلى سميث فإن أي بحث في علم الاجتماع التاريخي لا بد أن يبدأ من عند أمم الشرق الأدنى القديم، حيث كانت العرقية متداخلةً من الهوية السياسية والثقافية الجمعية، مثلما هو الحال في الإمبراطوريات القديمة. ويتابع الأثر الذي خلفه العالم القديم على أوروبا حيث ترك ثلاثة أنواع من التراث والتقاليد الثقافية: الهرمية والعهد والجمهورية، والتي تعود إلى بلاد الرافدين ومصر الفرعونية واليونان القديمة.
أما في بحثه حول "الأمم الجمهورية"، فيقول المؤلف إنه وعلى الرغم من نشوء تيارات علمانية راديكالية فإن قوميتها غالباً ما كانت محاكاةً لطقوس الأديان التقليدية ولممارساتها، حيث تمكنت القومية بوصفها "ديناً علمانياً للشعب" من أن تجمع بين ميثاق مواطنة إنساني وأرضي صرف وبين عبادة الشعب للأمة.
"مصائر بديلة" هو عنوان الباب الأخير من الكتاب، وفيه يقول سميث إنه وعلى الرغم من التخلص من النماذج السابقة من الأمم، فإن القومية الجمهورية العلمانية تجد نفسها باستمرار في تحدٍ مع ما تبقى من سمات ثقافية لهذه النماذج.
ويضرب مثالاً على ذلك جمهوريات مثل الولايات المتحدة وفرنسا التي ما زالت تعج بأساطير ومعتقدات نابعة من الأمم والقوميات العهدية السابقة؛ ومن ثَم تقدم لكل جيل من أجيال الجماعة تواريخ عرقية ومصائر قومية بديلة.
وعلى الرغم من أن هذه التقاليد الثقافية المختلفة يمكن أن تسفر عن صراع أيديولوجي داخل المجتمعات القومية، فإن تنافسها وتضافرها يمكن أن يُقويا الوعي القومي، ويحافظا على نسيج الأمة، وفقاً لما يقول الكاتب.