بدأت في الدوحة اليوم الأربعاء، أعمال الندوة الأكاديمية "قضايا اللغة العربية واللسانيات التطبيقية" التي ينظمها برنامج اللسانيات والمعجمية اللغوية في "كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية" في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين المختصين في اللسانيات واللغة العربية، وتستمر لمدة يومين.
وشهدت الجلسة العلمية الأولى في الندوة مجموعة من المداخلات، التي تناولت قضايا أبرزها، التنظير وعلاقته باللسانيات، ووضع اللغة العربية في مجال اللسانيات الاجتماعية، بالإضافة إلى مواضيع متصلة بالتخطيط اللغوي والأبعاد التطبيقية للسانيات النفسية.
وكان عز الدين البوشيخي المدير التنفيذي لـ"معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، قد افتتح فعاليات الندوة، بالحديث عن تزايد الإقبال على العلوم التطبيقية أكثر منه على العلوم البحثية، سواء أكانت تلك العلوم التطبيقية علوما بحتة أو إنسانية، موضحاً أن اللسانيات التطبيقية تعتبر جزءاً من العلوم التطبيقية التي يتزايد الاهتمام بها بشكل دائم؛ كونها تهدف إلى إيجاد حلول للمشاكل اللسانية الشائعة في الاستعمال اليومي.
وحول اللسانيات التفسيرية؛ قال البوشيخي، إن هذا الجانب من علم اللسانيات؛ يبتعد عن الجهد الوصفي لقصوره في الوصول لتفسيرات، باعتبار أن هذا العلم، ومنذ ظهوره مع تشومسكي، يعرّف على أنه علم نفسي معرفي، شارحًا أوجه الإشكال في العلاقة بين اللسانيات التطبيقية واللسانيات النظرية ومحاولا في الوقت ذاته بيان أهمية ذلك في رسم آفاق تطويرهما معاً في الفضاء اللساني العربي.
بدوره استعرض حيدر سعيد في ورقته، جوانب اللسانيات التطبيقية وجاذبيتها من عدمها، حيث قدم عرضا لكيفية نشوء اللسانيات التطبيقية في الثقافة العربية بخط مواز (ومستقل إلى حد كبير) عن السجال الذي شهدته وعاشته اللسانيات العربية. كما ناقش محمد الفران بدوره، موضوع اللسانيات التطبيقية ومفهوم الخطاب، مشيراً إلى أن اللسانيات منذ أن استقلت بموضوعها ورسمت حدودها عرفت تطورات وتغيرات انبثقت من طبيعة تصورها للعلم من جهة ومن طبيعة المناهج والمقاربات التي رامت وصف اللغة لذاتها من جهة ثانية. وبحسب الفران، فقد جعلت هذه التطورات والتغيرات الدرس اللغوي يحقق تراكمات معرفية وانجازات علمية نادراً ما تتحقق لعلم حديث النشأة.
وفي ورقته حول اللغة والاقتصاد السياسي اختتم إسماعيل الناشف الجلسة الأولى للندوة بالحديث عن دور علوم اللغة ودراستها، وعلاقتها بالجوانب الاقتصادية والواقع الاجتماعي للمجتمعات التي تُدرس لغوياً، وأعاد الناشف طرح سؤال اللغة والاقتصاد السياسي وعلاقاتهما المتعددة تحديداً في سياق هذه اللحظة الرأسمالية المتأخرة.
وتمحورت الجلسة الثانية حول "اللسانيات وتعلّم اللغات"، وقدم فيها محمد بلبول ورقة حول "الآفاق التطبيقية للسانيات التوليدية" أبرز خلالها بعض الحجج الخارجية المرتبطة بالممارسات التطبيقية المتأثرة باللسانيات التوليدية بوصفها لسانيات معرفية تتبنى فرضية الفطرية في صياغتها القوية. فيما عرض محمد الهاشمي ورقته بعنوان اللسانيات التطبيقية وتعليم اللغة لأغراض خاصة، حيث بحث في الدور العلمي الذي يمكن أن تضطلع به اللسانيات التطبيقية في إقامة منهاج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
واستكمل محمد لروز الموضوع بورقته التي تحدثت عن استراتيجيات تعليم اللغة للناطقين بغيرها حيث سلط الضوء على بعض متطلبات التعليم الفعّال في مجال تعليم اللغة العربية عبر اقتراح بعض الاستراتيجيات والإجراءات التي ستعزز جودة التعليم وتلبي حاجات الطلاب من بينها: فهم المتعلمين وتكييف طرق التعليم مع أنماط التعلم، وإجراءات تحليل تفاوضي ودمج فن الخطابة واجراء بحوث إجرائية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها.
وقدم علاء الجبالي ورقة بحثية، حول اللغة العربية بين الطفل والآلة حيث أشار فيها إلى بيان ضرورة التفات أبحاث اكتساب الطفل العربي للجوانب اللغوية المهملة في البحث العلمي الاستقرائي والتجريبي. فيما اختتم أحمد مخوخ الجلسة بالحديث عن كيفية توظيف اللسانيات التطبيقية في تعليم اللغة للناطقين بغيرها، مبرزاً بعض المجالات التي يمكن الإفادة فيها من اللسانيات المعاصرة واستشراف الحلول الممكنة برسم ملامح لسانيات عربية متخصصة للرقي بخطط ومناهج تعليم اللغة لغير الناطقين بها بشكل يضمن لها النجاح والانتشار عالمياً.
وشهد ختام اليوم الأول للندوة، جلسة ثالثة، بعنوان "الدراسات التطبيقية في المعجم"، ناقش في بدايتها إلياس عطا الله، إشكالية التذكير والتأنيث في اللغة العربية بين حيادية الجنس والحركة النسوية، تبعه حسن حمزة بورقة استعرض فيها حروف الزيادة وترتيب المداخل في المعجم العربي. وتحدث أحمد الجنابي عن دراسة تطبيقية تختص بالصناعة المعجمية المختصة بالحقول العلمية في العصر الحديث، واختتم محمد عبد الرزاق البكري فعاليات الجلسة واليوم الأول، بورقة عالج فيها قضية المعرّب والدخيل في المعجم العربي.
يشار إلى أن برنامج الندوة يشتمل على 30 ورقة بحثيّة يقدّمها باحثون لغويون وأساتذة لسانيات متخصّصون في الموضوع من مختلف البلدان العربية، وتختتم أعمالها يوم غد الخميس، بمائدة مستديرة، تجمع عدداً من الخبراء لمناقشة واقع اللغة العربية واللسانيات التطبيقية.