لعقود، بدت مسألة علاقة الجيش في العالم العربي بمختلف عناصر الدولة أو المجتمع من مغيّبات العلوم السياسية ومختلف مجالات البحث. غير أن هذا الواقع بدأ في التغيّر شيئاً فشيئاً حيث فتح "الربيع العربي" منطلقات بحث جديدة، وهو ما تجسّده صدور عدد من المؤلفات في هذا الاتجاه مثل "الجيش والسياسة" لعزمي بشارة و"الجيش التونسي" لمحجوب السميراني، وغيرهما.
ضمن هذا الإطار، صدر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، ضمن سلسلة "دراسات التحول الديمقراطي"، كتاب جماعي بعنوان "الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، والذي يجمع 22 بحثاً قُدّمت ضمن الدورة الخامسة من "المؤتمر السنوي لقضايا التحول الديمقراطي في الوطن العربي" الذي عقده المركز في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 في الدوحة.
يبدأ الكتاب بمحاضرة افتتاحية بعنوان "الجيش والحكم عربياً: إشكاليات نظرية"، للمفكر العربي عزمي بشارة، وقدّم فيها إطاراً نظرياً - تاريخياً لأبرز قضايا العلاقة بين الجيش والسياسة وإشكالياتها على المستويات المؤسسية والسياسية والسوسيولوجية، منذ مرحلة ما قبل التنظيمات العثمانية وما بعدها في القرن التاسع عشر، مروراً بالتجارب الانقلابية العسكرية ما بعد الاستقلال في سورية ومصر والعراق، وما ارتبط بها من مشروعات وأفكار وتنظيرات وتبدلات جذرية في بنى الدولة والسلطة والقوة والثقافة، وصولاً إلى الانقلاب العسكري الأخير في مصر؛ ما وضع مجريات المؤتمر أمام تمهيد نظري شامل لأبرز محاوره.
جرى تقسيم الأبحاث المشاركة في خمسة أقسام؛ كان الأول بعنوان "مداخل ومقاربات نظرية" ومن بين الدراسات التي يقدّمها: "تحولات العقيدة الأيديولوجية للجيوش العربية: قراءة في الأدبيات والأطر النظرية العربية - الحالة المصرية" لـ خليل العناني، و"بين عسكرة السياسة وتمدين العسكرية: نحو إطار نظري لمعالجة ’إشكالية الدولة المتخندقة‘"، لـ عبد الوهاب الأفندي، و"الجيش والسلطة والدولة في الجزائر: من الأيديولوجيا الشعبوية إلى الدولة النيوباترمونيالية" لـ نوري دريس.
أما القسم الثاني، "مداخل تاريخية"، فتضمّن بحثين؛ الأول بعنوان "الأدوار المبكرة للعسكريين في السياسة" قدّمه الباحث خالد زيادة، والثاني بعنوان "أثر تسييس الجيش في الاستقرار السياسي في العراق (1921 - 2003)" وهو دراسة مشتركة أنجزها كمال عبد الله حسن والناصر دريد سعيد.
في القسم الثالث، "الجيش والميليشيات والشركات الخاصة الجديدة"، خمسة أبحاث نذكر منها: "الجيش والفصائل غير النظامية في العراق: جدل الدولة والبديل الإثني" لـ علي عبد الهادي المعموري، و"إشكالية بناء جيش وطني موحّد في مجتمع منقسم مناطقياً: حالة الصومال"، لـ سمية عبد القادر شيخ محمود، و"إشكالية العلاقة بين الجيوش الوطنية والشركات العسكرية الخاصة" لـ بدر حسن شافعي.
أما القسم الرابع فهو بعنوان "الجيش والانتقال السياسي - حالات دولية وحالات دولية مقارنة"، وتضمّن هو الآخر خمسة أبحاث، منها: "القوات المسلحة وعمليات الانتقال السياسي" لـ زولتان باراني، و"الجيوش والانتقال الديمقراطي: كيف تخرج الجيوش من السلطة؟"، لـ عبد الفتاح ماضي، و"إعادة رسم العلاقات التركية المدنية - العسكرية بعد 15 تموز/ يوليو 2016" لـ مراد يشيلتاش.
وحمل القسم الأخير من الكتاب عنوان "الجيش والانتقال الديمقراطي في الوطن العربي - حالات مقارنة"، ومن بين الأبحاث المقدمة فيه: "الجيوش والتحول الديمقراطي في المنطقة العربية: دراسة مقارنة لدور المؤسسة العسكرية في تونس ومصر وسورية" لـ حمزة المصطفى و"الانقلاب العسكري بمنزلة عملية سياسية: الجيش والسلطة في السودان" لـ حسن الحاج علي أحمد، و"أدوار الجيش في مراحل الانتقال في الجزائر" لـ الطاهر سعود.