فولكلور متخيّل

29 سبتمبر 2015
بوزيد مقران/ الجزائر
+ الخط -

لعل مسألة التأريخ للفن، خصوصاً في الشق الفولكلوري منه، أخطر مما تبدو عليه، فهي بالتأكيد أعمق من الوعي الذي أفرز المنتجات التي تقع في مجاله، والتي قامت في معظمها على المزاج وتعبئة الفراغات الثقافية والقيام بالواجب.

ففي غياب "مشاريع" مؤسسات ثقافية في العالم العربي، (لعقود، كانت المؤسسة الثقافية الوحيدة القادرة على هذه المشاريع هي وزارات الثقافة) جعل أمر التأريخ للفن يتجه في طريقين، من النادر أن يشذّ عنهما.

الأول، هو تطوّع الهواة لهذه المهمة، وهؤلاء لا يمكن أن نؤاخذهم على تحرّرهم من الانضباط المعرفي، فنتقبل منهم الخلط بين الشخصي والموضوعي.

أمّا الثاني، هو أن يستفيد موظفو "المؤسسة الثقافية الوحيدة" في البلاد من مواقعهم، أو من يرضون عنهم، ليقوموا بهذه المهمة. وكونها "المؤسسة الثقافية الوحيدة" يجعل منها محتكرة للإمكانيات وللأفكار وللوثائق؛ وبالنتيجة، لعملية التأريخ والتصنيف والنمذجة.

حين تشرف الدول على مشاريع كهذه، لا نعتقد أن ينجو المتن من "فهم مهيمِن" للفولكلور وكيف جرى التطوّر التاريخي للفن، حتى أن جزءاً من الأنماط الفنية نلاحظ غيابه من عملية التوثيق، ببساطة لكونه غائباً عن ميولات الطبقات الممثلة في معادلة الحكم أو يندرج في ما لا ينبغي الاهتمام به على مستوى معمم كما ترى سياسات الدولة.

ومن خلال هاتين القناتين (الهواة والمؤرّخون الرسميون) ما الذي بقي من "أصل" المشهد الفني؟ لعل تراكم هذه الأعمال، بما هي "صورة عن الأصل"، يخلق وعياً جديداً، مختلف عن واقع المشهد الفني؛ إنه إلى حدّ بعيد "تاريخ متخيّل"، ينبغي تجرّعه بكثير من الحيطة.


اقرأ أيضاً: حلب تبحث عن موشّحاتها

المساهمون