وقفة مع محمد عبد النبي

16 فبراير 2019
(محمد عبد النبي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- أعمل على الانتهاء من ترجمة رواية تعاقدت على ترجمتها مع إحدى دور النشر العربية، اقترب موعد التسليم، ولا يزال أمامي حوالي مائة صفحة، وأتمنى أن أسلمها في الموعد. (بصرف النظر عن عنوان الرواية) فهي رواية متوسطة القيمة، لا هي عظيمة ولا هي سيئة، لكنها سلسة وظريفة مثل أغلب الروايات التي تحقق مبيعات كبيرة.


■ ما هو آخر عملٍ صدر لك، وما هو عملك القادم؟
- أحدث ما صدر لي هو مجموعة قصصية، بعنوان "كان يا ما كان"، عن دار "العين"، في الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2018. لستُ متأكدًا من عملي القادم، ربما يكون مجموعة مقالات ونصوص وخواطر متفرقة، كتب ونشر بعضها في سياقات مختلفة خلال السنوات القليلة الماضية، ولا يكاد يجمعها شيء، فهي أقرب إلى حصاد الدفاتر القديمة، ولكني سأحاول أن أختار من بينها الجدير بالنشر في كتاب، أو الجدير بالبقاء لوقت أطول قليلًا من النشر الصحافي العابر سريع الزوال.


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- لا أظن أن هناك كاتباً يشعر بالرضا عن منتجه، أقصد ذلك الرضا التام والنهائي الذي ينفي أي شبهة قلق أو شك، ولكن هناك حدا أدنى من الرضا لولاه لما تجرأ كاتب على النشر، إلَّا إذا كان وقحًا أو منافقًا. فإذا تحدثنا عن ذلك الحد الأدنى، فَنَعَم أشعر بالرضا، من ناحية لأنني أبذل أقصى جهد ممكن ليكون العمل مقبولًا قبل نشره، ومن ناحية لأن بعض ردود الفعل من قراء أثق في ذائقتهم تطمئنني، والأهم من ذلك أنني لا أتوقف كثيرًا عند عمل تم نشره، وأحاول أن أنساه في أسرع وقت ممكن، وهي حيلة تجنبني طرح سؤال الرضا وعدم الرضا، إلَّا عند التعامل مع المسودات النهائية قبيل النشر، وتكون غالبا فترة شديدة الصعوبة.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيَّ مسارٍ كنت ستختار؟
- هذا سؤال صعب، الحقيقة لا أعرف، لو بدأ كل شيء من جديد فسوف يتكرر كل شيء بحذافيره من جديد، وهو أمر لا يُطاق، لأننا بالكاد سعدنا بانتهاء فترات عسيرة (فترة المراهقة أو الدراسة مثلا). أمَّا إذا امتلكتُ وعي الحاضر وبدأ كل شيء من جديد، فربما كان الأمر أشد تعقيدًا، لأنني سأحسب كل خطوة بحسابات نتائجها المستقبلية. هذه فكرة صالحة لفيلم كوميدي أميركي أو رواية مجنونة معقدة حول الاحتمالات وامتداداتها ونتائجها. لكن على كل حال، لا أظن أنه كانت لي حرية الاختيار في أمور كثيرة في المرة الأولى، وسوف أحاول في المرة الثانية أن يختلف هذا الوضع ولو قليلا ولو في أشياء صغيرة ولكن أكثر عددًا.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- هذا سؤال آخر في غاية الصعوبة، لأنَّ علينا أن نخشى ممَّا نتمناه، لأنه قد يتحقق، وعندئذٍ قد لا ينفع الندم. من ناحية، يمكنني أن أملأ دفترًا صغيرًا بقوائم متنوعة حول ذلك التغيير الذي أريده وأنتظره، يمكنني أن أرسم في هذا الدفتر الجنة التي على مقاس طموحاتي وأوهامي. لكن ماذا سيكون جدوى هذا الدفتر - إلَّا على سبيل التسلية أو التصبر - غير إبعادي عن الواقع الراهن والذي أعتبره جديرًا بالتعاطي أكثر من أي أحلام يقظة. ربما اكتسبت كلمة "تغيير" سمعة غير محببة، وصارت مرتبطة غالباً بالتغيير للأسوأ، وربما قزَّم الواقع أحلامنا وخفَّض سقف طموحاتنا بحيث صار استمرار الوضع على ما هو عليه – بكل كوابيسه وفظائعه – أفضل من تخيل درجات أخرى على سلم الانهيار. من ناحية أخرى، أفضل أن أتحرك على مستوى صغير ومنمنم للغاية، بالنسبة إلى التغيير الذي أريد وأنتظر في حياتي الشخصية ومحيطي المحدود.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- لا أريد أن ألتقي شخصية من الماضي أحبها، لكي لا يؤثر لقائي على حبي لها، وهذا واردٌ جدًا. أريد أن ألتقي شخصية أكرهها أو على الأقل لا أميل لها، عسى أن يجعلني هذا قادراً على اكتشاف جانب آخر لها: ستالين مثلًا، أو الحجاج بن يوسف، أو أي سفَّاح غليظ الكبد.


■ صديق يخطر على بالك أو كتابٌ تعود إليه دائماً؟
- لا يوجد. الحقيقة، أنا لا أستطيع الربط بين النقطتين، ولكن إذا كان المقصود بالنقطة الأولى الحديث عن الآن، فلا يوجد. كما لا يوجد أيضًا كتاب أعود إليه دائمًا.


■ ماذا تقرأ الآن؟
- رواية أحمد الصادق "رحلة في فوهة الماسورة"، ما زلت في أولها ورغم عثراتها الأسلوبية فهي من أصدق ما كتب عن تجربة التجنيد في الجيش المصري، مزيج من الكوميديا والتراجيديا.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أسمع الآن مايلز ديفيس، وأقترح أغنية "مشغول عليك مشغول" للأستاذ كارم محمود.


بطاقة
كاتب مصري من مواليد محافظة الدقهلية عام 1977، درس اللغات والترجمة في قسم اللغة الإنكليزية بجامعة الأزهر في القاهرة. كانت أولى إصداراته مجموعة قصصية بعنوان "وردة للخونة" (2003)، أتبعها بمتتالية قصصية "بعد أن يخرج الأمير للصيد" (2008)، ثم "شبح أنطون تشيخوف" (2010)، وكانت "رجوع الشيخ" (2012) أولى رواياته، تلتها قصص "كما يذهب السيل بقرية نائمة" (2014). كتب أيضاً في السرد والكتابة عملاً بعنوان "الحكاية وما فيها" وصدر عام 2016، وفي العام نفسه ظهرت روايته "في غرفة العنكبوت"، ومؤخراً صدرت مجموعته القصصية الأحدث "كان ياما كان".

دلالات
المساهمون