لماذا غاب شباب تونس عن الانتخابات المحلية؟

08 مايو 2018
كبار السن يشاركون في الانتخابات التونسية (العربي الجديد)
+ الخط -
"لم أصوّت في الانتخابات ولن أصوّت مستقبلا، فالشأن المحلي وصراع الأحزاب لا يعنيني، ومشاركتي في التصويت لن تغير الواقع الذي نعيشه". هكذا عبّر الشاب التونسي العاطل عن العمل، محمد، عن رأيه في الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد.

وكان ملحوظا عزوف الشباب عن الانتخابات، وفضّل الآلاف الجلوس في المقاهي أو ممارسة الرياضة على اختيار ممثليهم في الجهات. يقول محمد لـ"العربي الجديد": "في النهاية السياسيون يحصدون المناصب ونحن نجني الخيبات".

ويرى مراقبون أن عزوف شباب تونس يعد بمثابة عقوبة للطبقة السياسية لتجاهلها مطالبهم، مؤكدين أن نسب الإقبال أقل من نظيرتها في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2011 و2014.

ورغم ارتفاع نسب الشباب في قوائم الانتخابات البلدية إلى 33 في المائة ممن تراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، بحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلا أن العزوف عن التصويت كان الظاهرة الأبرز.

وقال عضو شبكة "مراقبون" التي تعنى بمراقبة الانتخابات، شكري الطالبي، لـ"العربي الجديد"، إنّه بحسب زيارتهم للعديد من مراكز الاقتراع، فقد لاحظوا "الغياب اللافت للشباب، والذي كان ضئيلا جدا في أغلب المراكز، وشبه منعدم في مراكز أخرى"، مبينا أنّ "حضور الشباب في 2011 و2014 كان أفضل من الانتخابات المحلية التي عرفت عزوفا كبيرا".


وبين الطالبي أن "الأسباب قد تكون مفهومة نسبيا، فالشباب كان لديهم أمل في توفر فرص الشغل، وتحسن المستوى المعيشي والاجتماعي، ولكن للأسف أغلب الوعود التي أطلقتها الطبقة السياسية كانت زائفة".

وأوضح أن "المسؤولية مشتركة، وتتوزع بين الحكومات المتعاقبة التي لم تولِ الشباب اهتمامها، والأحزاب التي لم تقدم شيئا للشباب. وكان لافتا عزوف النساء، باستثناء كبيرات السن".

وقال المحلل السياسي، حمادي الرديسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ عزوف الشباب ليس ظاهرة جديدة، وأنه في انتخابات 2011 و2014، كان غياب الشباب لافتا، وبيّن أنّ العزوف لا يخص الشباب فقط بل حتى عموم التونسيين الذين أصبحوا يعزفون عن المشاركة في الحياة السياسية ربما بسبب الحالة الاجتماعية والاقتصادية وفقدان الثقة في النخب السياسية.

وأضاف الرديسي أن "عزوف الشباب رسالة للسياسيين بصفة عامة، وعليهم أن يراجعوا علاقتهم بالشباب. نسبة مشاركة الناخبين عموما في حدود 30 في المائة، ما يعني عزوف غالبية التونسيين تقريبا، وبالتالي فالوضع العام غير مشجع".

وأوضح "نسمع منذ 3 أشهر عن خشية عزوف الشباب عن الانتخابات، ومع ذلك لم يحصل أي تدارك للوضع، ولم يتم تشجيع الشباب على المشاركة. العزوف دليل على عدم ثقة الشباب في المسار الديمقراطي".

كبار السن يشاركون في الانتخابات التونسية (العربي الجديد) 

وبين الناشط المدني محمد بوعود، أن فئة الشباب عاقبت السياسيين بعزوفها، مضيفا لـ"العربي الجديد"، أن "الساسة لم يقدموا شيئا للشباب، وحتى الوعود التي أطلقوها في الحملات الانتخابية لم تعد تنطلي على أحد، وبالتالي حصلت القطيعة بين الشباب والسياسيين".

ولفت بوعود إلى أن "الحملات الموجهة للشباب شبه غائبة، وما ظهر منها فشل في استقطابهم، والبدائل المقدمة من الأحزاب بعضها كاذب وبعضها كارثي، لذلك لم تقنع فئة الشباب التي قررت أن تقول للسياسيين: انتبهوا. خطاباتكم ووعودكم لم تعد تنطلي علينا".